قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(١). سمّاه مصاحبة تنبهة أنكم صحبتموه وجرّبتموه وعرفتم ظاهره وباطنه ، ولم تجدوا به خبلا ولا جنّة.
والإصحاب للشيء : الانقياد له. وأمّا عند أهل الأصول فاختلفوا في الصّحبة بالنسبة إلى من يسمّى صحابيا ، والصحيح أنه من رآه مسلما وإن لم يرو عنه ولم تطل صحبته. ويقال : أصحب الرجل : إذا كبر ابنه وصحبه. وأصحب فلان فلانا : جعل صاحبا له. وعليه قوله تعالى : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ)(٢) أي لا يكون لهم من جهتنا من يصحبهم ، وما يصحبهم من سكينة وروح وترفيق ونحو ذلك ممّا يصحبه أولياءه (٣).
وأديم مصحب : أصحب الشعر الذي عليه ولم يجزّ عنه. وقيل معنى قوله : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) أي لا يجاوزون. ومن صحبه الله لم يضرّه شيء. يقال : أصحبك الله ، أي حفظك. ومنه الحديث : «اللهمّ أصحبنا بصحبة واقلبنا بذمّة» (٤) أي اصحبنا بحفظك في سفرنا واقلبنا بأمانك وعهدك إلى بلدنا. فعلى الأول : هو من أصحاب. وعلى الثاني : من صحب. وإلى الأول نحا المازنيّ وفسّره بمعنى المنع. وحكي : أصحبت الرجل : منعته. والصّحابة مصدر صحبه. ويكون جمع صاحب أيضا ، قيل : ولا تجمع فاعل على فعالة إلا هذا الحرف. وفي الحديث : «إنكنّ صواحب يوسف» (٥) ويروى «صواحبات» جمع الجمع. وأنشدوا (٦) : [من الرجز]
فهنّ يعلكن حدائداتها
حدائدات جمع حدائد ، وحدائد جمع حديدة ، كذلك صواحبات جمع صواحب ، وصواحب جمع صاحبة.
__________________
(١) ١٨٤ الأعراف : ٧.
(٢) ٤٣ الأنبياء : ٢١.
(٣) التعريف هنا من المفردات : ٢٧٥.
(٤) النهاية : ٣ ١١.
(٥) صحيح البخاري ، الأنبياء : ١٩.
(٦) من شواهد ابن منظور ، مادة ـ صحب.