فعليّة (١) من الذّرّ لأنّ الله استخرج الذريّة من ظهر آدم كالذّرّ حين أشهدهم على أنفسهم. والثاني أنها مهموزة الأصل اشتقاقا من ذرأ الله الخلق. وقد تقدّم فخفّفت والتزم تخفيفها. وقد تقدّم أنّ العرب التزمت تخفيف ألفاظ : البرية والخطيّة والذرية في باب الياء. والثالث أنها ذرّوية فأدغمت (٢). وقد تطلق التاء مع الصّبيان ، وفي الحديث : «لا تقتل ذرّية ولا عسيفا» (٣) وفسّرها الهرويّ بالمرأة خاصة ، والصواب الأول. وقد صرّح بذلك في حديث آخر. ولنا كلام فيها هو أطول من هذا.
ذ ر ع :
قوله : (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً)(٤) أي طاقة ووسعا. والعرب تقول في التّهديد : اقصد بذرعك أي استقم بطاقتك (٥). وفي الحديث : «فكسر ذلك في ذرعي» (٦). أي ثبّطني عمّا أردته.
وقيل : أصل الكلمة من الذراع ، والذراع من الحيوان معروف فإذا قالوا : هذا على حبل ذراعك كأنّهم قالوا : هذا في يدك. فإذا قالوا : ضاق بكذا ذرعا كأنّهم قالوا : ضاق (٧) يدا.
والذّراع : ما يذرع الثوب والأرض ونحوهما تشبيها بالعضو في المقدار. قال تعالى : (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً)(٨) أي مقدارها. وذراع الأسد نجم تشبيها بذراع الحيوان.
__________________
(١) أي أن وزن ذريّة فعليّة. وكان قياسه أن يقول بفتح الذال لكنه نسب شاذّ لم يجئ إلا مضموما.
(٢) أي أدغمت الواو في الياء فصارت ذرية.
(٣) النهاية : ٢ ١٥٧ ، ومع أن الذرية تطلق على نسل الإنسان من ذكر وأنثى فإنها في هذا الحديث أريد بها النساء لأجل المرأة المقتولة.
(٤) ٧٧ هود : ١١.
(٥) أي بقوتك.
(٦) النهاية : ٢ ١٥٨. وفي الأصل : فكبر ، وهذا وهم ، لأنها من حديث آخر وهو : «فكبر في ذرعي» أي عظم وقعه. ولعل سقطا طرأ على الأصل.
(٧) في الأصل : ضاقون.
(٨) ٣٢ الحاقة : ٦٩.