قوله : (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ)(١) قرئ بالتّثقيل والتخفيف ، وهذا مثل لشدة الأمر وضيق العطن ، كقولهم : يتنفّس الصّعداء إلى فوق. وأصل يصّعد يتّصعّد فأدغم. قوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)(٢) استعارة لما يصل من العبد إلى الله فيما أمره به ونهاه عنه ، كما استعير النزول لما يصل من الله إلى العبد من الخيرات والبركات. وتصعّد فيّ كذا : شقّ عليّ. ومنه قول عمر رضي الله عنه : «ما تصعّد لي أمر ما تصعّدني خطبة النّكاح» (٣). قوله : (صَعِيداً زَلَقاً)(٤) الصّعيد : الطريق لا ثبات به ، وكذلك الزّلق فهما كقوله : (عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)(٥). والظاهر أنّ الزلق : ما لا تثبت فيه الأقدام لما فيه من الوحل (٦).
ص ع ر :
قوله تعالى : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ)(٧) أي لا تمل به تكبّرا عليهم. يقال : صعّر خدّه ولوى جيده ، وثنى عطفه ، ونأى بجانبه أي تكبّر. وقرئ : تصاعر (٨) وهما لغتان ؛ [صعر و] صاعر : وأصله من الصّعر ، وهو ميل في العنق. وقيل : داء يصيب البعير في عنقه فيلتوي. ويقال فيه الصّيد أيضا ، أي لا تلزم خدّك الصّعر. وفي الحديث : «يأتي على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر أو معرض بوجهه تكبرا» (٩) يعني رذالة الناس. وفيه : «كلّ صعّار ملعون» (١٠) أي كلّ [ذي](١١) أبهة وكبر.
__________________
(١) ١٢٥ الأنعام : ٦. وقراءتها بالتخفيف «يصعد». وتقرأ «يصّاعد» يريد يتصاعد (معاني القرآن للفراء : ١ ٣٥٤).
(٢) ١٠ فاطر : ٣٥.
(٣) النهاية : ٢ ٣٠. وفيه «ما تصعّدني شيء ما تصعّدتني ..». والراغب مثل الأصل.
(٤) ٤٠ الكهف : ١٨. والمعنى : رملا هائلا أو أرضا جرزا لا نبات فيها يزلق عليها لملاستها.
(٥) ١٥٧ البقرة : ٢.
(٦) جاء في هامش ح ، ورقة ١٩٦ : كل أرض مستوية صعيد.
(٧) ١٨ لقمان : ٣١.
(٨) قرأها أهل المدنية وعاصم بن أبي النّجود والحسن. ويقول : ويجوز ولا تصعر ، ولم أسمع به (معاني القرآن للفراء : ٢ ٣٢٨).
(٩) النهاية : ٣ ٣١ ، عدا الجملة المعطوفة الأخيرة.
(١٠) النهاية : ٣ ٣١. الصعّار : المتكبر. وفسّر ما لك بالنمّام.
(١١) إضافة يقتضيها السياق.