قوله : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى)(١) تنبيه أنّه لم يكن ممّن يصلّي ، أي يأتي بهيئتها فضلا عن إقامته لها. قوله : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ)(٢). ثم قال : (عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ)(٣) ذكرهما بوصفين أحدهما أشرف من الآخر ، وهو مخّ العبادة الذي هو الخشوع ، حتى جعله بعضهم شرطا في صحتها. ورأى عليه الصلاة والسّلام رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» (٤). ثم وصفهم بالمحافظة عليها ويدخل تحته أشياء كثيرة بيانها في غير هذا. قوله : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً)(٥) تنبيه على إبطال صلاتهم ، وأنّ فعلهم ذلك لا اعتداد به ، بل هم في ذلك كطيور تمكو وتصدي. وقيل : لم يصلّوا البتّة وإنما جعلوا ذلك بدل صلاتهم كقوله : [من الوافر]
تحية بينهم ضرب وجيع
وقد مرّ مثله. ومثله قوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)(٦).
ص ل ي :
قوله تعالى : (لا يَصْلاها)(٧) أي لا يدخلها ويلاقي صلاها ، وهو حرّها وإيقادها. يقال : صليت الشاة : شويتها ، فهي مصليّة. قال الخليل : صلي الكافر النار : قاسى حرّها وقال : صلاه النار ، وأصلاه إياها. والصّلا ـ بالفتح ـ اتّقاؤها وإضرامها. وبالكسر النار نفسها. وقيل : يقال في النار نفسها : صلا ـ بالفتح والكسر ـ إلا إذا فتحت قصرت ، وإذا كسرت مددت. وقرئ قوله : (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)(٨) من صلى ـ ثلاثيا ـ وصلّى ـ رباعيا.
__________________
(١) ٣١ القيامة : ٧٥.
(٢) ٢ المؤمنون : ٢٣.
(٣) ٣٤ المعارج : ٧٠.
(٤) كنوز الحقائق ، ورقة ٦٢.
(٥) ٣٥ الأنفال : ٨. مكاء وتصدية : صفيرا وتصفيقا.
(٦) ٨٢ الواقعة : ٥٦.
(٧) ١٥ الليل : ٩٢.
(٨) ١٠ النساء : ٤.