كلّ واحد منهما الآخر في أوصافه الخاصّة وبينهما أبعد البعد كالسّواد والبياض ، والخير والشرّ. وما لم يكونا تحت جنس واحد لا يقال لهما الضدّان كالحلاوة والحركة.
قالوا : والضدّ هو أحد المتماثلات ؛ فإنّ المتقابلين هما الشيئان المختلفان اللذان كلّ واحد منهما قبالة الآخر ، ولا يجتمعان في شيء في وقت واحد ، وذلك أربعة أشياء : الضدّان كالسواد والبياض ، والمتضايفان كالضّعف والنّصف ، والوجود [والعدم](١) كالبصر والعمى ، والموجبة والسالبة في الأخبار ، نحو : كلّ إنسان ههنا (٢). وكثير من المتكلمين وأهل اللغة يجعلون ذلك من المضادّات ، ويقولون : الضدان : ما لا يصحّ اجتماعهما في محلّ واحد. وقيل : الله تعالى لا ضدّ له ولا ندّ ؛ لأن الندّ هو الاشتراك في الجوهر ، والضدّ : هو أن يتعاقب (٣) الشيئان المتنافيان على جنس واحد ، والله تعالى منزّه عن أن يكون له جوهر ، فإذا لا ضدّ له ولا ندّ. وقوله : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) وحّده وإن كان خبرا عن جمع ، لأن الأخفش حكى فيه أن يكون واحدا وجمعا. وقال الفراء : معناه عونا فلذلك وحّد.
قلت : كأنه ينحو به نحو المصادر ، والمصادر توحّد في المشهور وأحسن ما فسرت به الآية : أي يكونون منافين لهم.
__________________
(١) إضافة من المفردات : ٢٩٣.
(٢) الجملة ناقصة ، وبعدها : وليس كل إنسان ههنا. عن المفردات.
(٣) وفي الأصل : يعقب.