مضمون لكم. ومثله في المعنى : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً)(١). قوله تعالى : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) إلى قوله (لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ)(٢). فالأول يقتضي نفي الضّرر ، والثاني إثباته ، وأجيب بأنّ الأول يعنى به النفع والضّرّ الحاصلان (٣) بالقصد والإرادة أنه لا يقصد في ذلك ضرا ولا نفعا لكونه جمادا. والثاني يعنى به ما نشأ وتولّد من عبادته إياه واستعانته به في مهماته لا ما يكون منه بقصده (٤).
قوله تعالى : (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ)(٥). الضّراء : الضرّ. وتقابل السّراء بالنّعماء ، وتقدّم وجه الجمع بين البأساء وبينها في باب الباء. قوله تعالى : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ)(٦) يجوز أن يكون مبنيا للفاعل بمعنى أنه نهى الكاتب والشهيد عن مضارّة المكتوب له والمشهود له ؛ بأن يكتب له ما لا يخلّصه ، وأن يؤخّر الشاهد شهادته عند الحاجة إليها ، وأن يكون مبنيا للمفعول بمعنى أنه لا ينبغي أن يعطلا عن معاشهما حسبما بينّا ذلك بيانا شافيا في «القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز» وحسبما أيضا بينّا القراءات الواردة في ذلك ، الشاهدة بكلتا القراءتين في «الدرّ» وغيره. قوله : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها)(٧) هو كالذي قبله في احتمال الوجهين قد بينّا الحكمين والقراءات أيضا في الكتابين المشار إليهما. وقرئ هنا برفع الراء وهو خبر في معنى النّهي ، وبفتحها على صراحة النّهي (٨).
والضرير : غلب على فاقد البصر ؛ فعيل بمعنى مفعول. والضّرير أيضا شاطئ الوادي تخيلا أنّ الماء قد ضرّه. والضرير أيضا : الضارّ. والضّرّة : غلبت على المرأة المصاحبة لزوجة أخرى. وأصلها الفعلة من الضّرّ تخيلا أنها نفس الضّرر الحاصل لصاحبتها منها. وبهذا النظر قال عليه الصلاة والسّلام : «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في
__________________
(١) ١٢٠ آل عمران : ٣.
(٢) ١٢ و ١٣ الحج : ٢٢.
(٣) وفي الأصل : الحاصلين.
(٤) وفي الأصل : بقصد.
(٥) ٢١٤ البقرة : ٢.
(٦) ٢٨٢ البقرة : ٢.
(٧) ٢٣٣ البقرة : ٢.
(٨) وفي المفردات (٢٩٤) : ومعناه أمر ... وإذا فتح فأمر.