قوله : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)(١) قيل : نزلت في أهل قباء ، وقد سألهم عليه الصلاة والسّلام عن ذلك ، فقالوا : «لأنّا نتبع الحجر الماء» أي إذا استنجوا جمعوا بين الماء والحجر وهو الأفضل ، ولا بدّ من تقديم الحجر ، وإلا فلا فائدة. وقيل : عنى تطهير النّفس. قوله : (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٢) أي مخرجك من زمرتهم ، وأنزّهك أن تفعل فعلهم. قوله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(٣) قيل : من كان على الطهارتين : الكبرى والصّغرى وقيل : عنى الملائكة. وقيل : معناه لا (يبلغ حقائقه ومعرفته) (٤) إلا من يطهّر نفسه وينقّى من درن الفساد. قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ)(٥) أي من درن الدّنيا وأوساخها ممّا عليه نساء الدنيا من الحيض ونحوه. وقيل : من الأخلاق السيئة ، والكلّ مطلوب. و «مطهرة» جاءت على لغة النساء طهرت : ولو قيل : «مطهرات» لكان على لغة «طهرن». قوله : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)(٦) أي من أفعالنا ، قالوا ذلك على سبيل التهكّم لمّا سمعوا. قوله : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)(٧). قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(٨) ؛ الطّهور بمعنى المطهّر : قال الراغب (٩) : وذلك لا يصحّ من حيث اللفظ لأنّ فعولا لا يبنى على أفعل وفعّل ، وإنما يبنى (١٠) من فعل ، يعني أنّ فعولا مثال مبالغة. وأمثلة المبالغة الخمسة لا تبنى إلا من الثلاثيّ في الغالب ، وإلا فالسماع قد ورد في قولهم : ادرك فهو دارك. وقد اعترض بعضهم أيضا على الشافعّي بأنه كان يقتضي أن يتكرّر التّطهير به ، وهو لا يقول بذلك. وأيضا فإنّ الطهور قد ورد مرادا به المبالغة في النظافة. قال تعالى : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً)(١١) فإنّ فيه تنبيها على أنه بخلاف
__________________
(١) ١٠٨ التوبة : ٩.
(٢) ٥٥ آل عمران : ٣.
(٣) ٧٩ الواقعة : ٥٦.
(٤) كذا في س ، وفي ح : يعرف حقائق معرفته.
(٥) ٢٥ البقرة : ٢.
(٦) ٨٢ الأعراف : ٧.
(٧) ٧٨ هود : ١١.
(٨) ٤٨ الفرقان : ٢٥.
(٩) المفردات : ٣٠٨.
(١٠) في الأصل : ينبني.
(١١) ٢١ الإنسان : ٧٦.