السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ)(١) انتهى. وعجبت منه كيف لم يذكر غير ذلك وهذا لا يشبه كلام علماء الظاهر وكيف يعمل بقوله : (لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(٢)؟ على أنّ الصوفية أوّلوا جميع ذلك.
والطّهارة : النظافة والمبالغة فيها. يقال : طهرت المرأة تطهر ـ بفتح العين في الماضي ـ ونقل طهرت ـ بالضم ـ قال بعضهم : والفتح أقيس ، لأنّه خلاف طمثت ، ولأنه يقال (٣) : طاهر مثل قائمة وقائم. ثم الطّهارة ضربان : طهارة جسم وطهارة نفس ، قال الراغب (٤) : وقد حمل عليه عامة الآيات. قلت : الظاهر من الآيات الواردة في ذلك إنما هي في طهارة الجسم لأنّ ذلك يتعبّد به ظاهرا.
والطّهارة شرعا : رفع حدث وإزالة نجس ، أو ما في معنى ذلك كالاستنجاء بغير الماء والتّيمّم ، وعليه قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(٥) أي بالماء أو ما يقوم مقامه من التراب ، كما نصّت الآية بعدها عليه. قوله : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ)(٦) فإذا انقطع دمهنّ أيضا (٧). وقد قرئ : حتى يطّهّرن بالتشديد (٨). وقد أوضحنا مذاهب الناس في هذه المسألة في «القول الوجيز» ، وذكرنا استدلال كلّ طريق وما يردّ عليه وما يجاب عنه والحمد لله. قوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(٩) أي المزيلين للنجاسات ، المتحرّين في الطهارات لأنّ الطهارة أسّ العبادة. وقيل : التاركين للذنب ، العاملين للصّلاح.
__________________
(١) ٤ الفتح : ٤٨.
(٢) ١٢٥ البقرة : ٢.
(٣) الصواب أن يقول : يقال : طاهر وطاهرة.
(٤) المفردات : ٣٠٧ ، وفيه : وقد حمل عليهما.
(٥) ٦ المائدة : ٥.
(٦) ٢٢٢ البقرة : ٢.
(٧) كذا في الأصل! ولعل إسقاط «أيضا» أفضل.
(٨) القراء يقرؤون القراءتين. وهي في قراءة عبد الله «يتطهرن» (معاني القرآن للفراء : ١ ١٤٣). وقرأها أبو عبد الرحمن المقرئ «حتى يطهرن» (مختصر الشواذ : ١٣).
(٩) ٢٢٢ البقرة : ٢.