قوله : (فَمَا اسْطاعُوا)(١) ، قيل : أصله فما استطاعوا فحذفت تاء الافتعال. وقيل : بل السين مزيدة في أطاع ، وتحقيق القولين في غير هذا الموضوع.
ط و ف :
قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ)(٢) قيل : هو السّيل المغرق. وعن عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه فسّره بالموت. قال بعضهم (٣) : الطوفان من كلّ شيء : ما كان مطبقا بالجماعة كالموت الجارف والغرق الشامل والقتل الذّريع. وقال آخرون : الطّوفان : كلّ حادثة تحيط بالإنسان. وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثرة لأجل أن الحادثة التي نالت قوم نوح عليه الصلاة والسّلام كانت ماء. قوله تعالى : (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا)(٤). الطائف في الأصل اسم فاعل من طاف يطوف حول الشيء : إذا دار من جميع جوانبه وأحاط به. فيقال : طاف يطوف طوفا وطوافا. ومنه الطّواف حول الكعبة لقوله : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ)(٥) ثم استعير للطائف من الجنّ والخيال والحوادث تخيّلا أنّ كلا من هذه الأشياء قد طاف بالإنسان من جميع جهاته. وأحاط به إحاطة من يطوف به. فالطائف : من يدور حول الشيء يريد اقتناصه وأخذه. وقرئ «طيف» (٦) وهو خيال الشيء وصورته المترائية له في المنام واليقظة. وقيل : الطيف : الجنون. وقال ابن عرفة : الطيف والطائف يرجعان إلى معنى واحد. وأنشد (٧) : [من الطويل]
فو الله ما أدري أطائف جنّة |
|
تأوّبني ، أم لم يجد أحد وجدي |
وقال مجاهد : طائف غضب. وقال أبو عبيدة : ما طاف به من وسوسته. وقال أبو منصور : أصل الطيف الجنون. وقيل : الغضب طيف لتغير عقل الغضبان. وقيل : أصل طيف طيّف
__________________
(١) ٩٧ الكهف : ١٨.
(٢) ١٣٣ الأعراف : ٧.
(٣) ذكره الراغب في المفردات : ٣١٢.
(٤) ٢٠١ الأعراف : ٧.
(٥) ١٢٥ البقرة : ٢.
(٦) قرأها ابن عباس وسعيد بتشديد الياء مختصر الشواذ : ٤٨. وقرأها بسكون الياء إبراهيم النخعي وابن كثير والكسائي ... (معاني القرآن للفراء : ١ ٤٠٢).
(٧) الشاهد مطلع لثلاثة أبيات في (الأمالي : ٢ ٢٢٧) ، وعزاه إلى ابن الأعرابي.