ر ج ع :
قوله تعالى : (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(١) أي تعودون. والرجوع في الأصل العود إلى مكان منه البدو ، وسواء كان مكانا أو قولا أو فعلا. وسواء كان العود بذاته أو بجزء من أجزائه أو بفعل من أفعاله. ورجع يتعدّى بنفسه ؛ قال تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ)(٢) ، ولذلك بني للمفعول. وقيل : يجوز أن يكون قاصرا بمعنى عاد كقوله : (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في قراءة البناء للفاعل. وقيل : المفعول مقدّر أي ترجعون أنفسكم ، وليس بظاهر.
قوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(٣) أي يردّون البضاعة لأنّها ممّا اكتالوه وأنتم لا تأخذون شيئا إلا بثمنه. وقيل : معناه يرجعون إلينا إذا علموا أنّ ماكيل لهم من الطعام لم يؤخذ له ثمن. ويدلّ له قوله : (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ) إلى قوله : (يا أَبانا ما نَبْغِي)(٤). والرجع : الإعادة ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ)(٥). قيل : أراد الإنسان ، وقيل : أراد الماء ، وأنه يردّه إلى الصلب إذا شاء ، والأوّل أظهر. وقوله : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ)(٦) هو المطر ، سمي بذلك لأنه يرجع كلّ سنة فيتكرّر. وقيل : ذات المطر بعد المطر ، وهو بمعناه. والرجع أيضا : الغدير ، قال الهذليّ يصف سيفا (٧) : [من السريع]
أبيض كالرجع رسوب إذا |
|
ما ثاخ في محتفل يختلي |
وقيل : لأنها ترجع إليها أعمال العباد لأنّ فيها اللوح المحفوظ ، فمنه تأخذ الملائكة أعمال العباد ، ثم ترجع إلى السماء. وقيل : لأنّ الملائكة ترجع إليها. وقيل : سمي المطر رجعا لردّ الهواء ما تناوله من الماء. قيل : وسمي الغدير رجعا اعتبارا بأنه من المطر أو لتردّد أمواجه. قوله : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ)(٨) أي حّرمنا عليهم أن يتوبوا
__________________
(١) ٢٨ البقرة : ٢.
(٢) ٨٣ التوبة : ٩.
(٣) ١٦٨ الأعراف : ٧ ، وغيرها.
(٤) ٦٥ يوسف : ١٢.
(٥) ٨ الطارق : ٨٦.
(٦) ١١ الطارق : ٨٦.
(٧) هو المتنخل الهذلي (ديوان الهذلي : ق ٢ ١. اللسان ـ رجع). وفي الأصل : هو المسحل.
(٨) ٩٥ الأنبياء : ٢١.