د ع و :
قوله تعالى : (دَعَوُا اللهَ)(١) ، أي استغاثوا به. قيل : والدعاء كالنداء إلا أنّ النداء قد يقال إذا قيل : يا وأيا ، وإن لم يضمّ معه اسم. والدعاء لا يكاد يقال إلا ومعه اسم المدعوّ نحو : يا فلان. وقد يقع كلّ منهما موقع الآخر ، ويستعمل استعمال التّسمية فيتعدّى تعديتها لاثنين إلى ثانيها بجزء الجزء. قال الشاعر (٢) : [من الطويل]
دعتني أخاها أمّ عمرو ولم أكن |
|
أخاها ولم أرضع لها بلبان |
دعتني أخاها بعدما كان بيننا |
|
من الفعل ما لا يفعل الأخوان |
قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً)(٣) قيل : يجوز أن يكون من معنى التّسمية أي لا تخاطبوه باسمه فتقولون : يا محمد ، كما يقول أحدكم للآخر ، ولكن قولوا كما خاطبه الله تعالى بقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّيا أَيُّهَا الرَّسُولُ). وقيل : لا تدعوه برفع الصوت كما ترفعونه على بعضكم ، فهو في معنى قوله : (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ)(٤).
وقيل : لا تجعلوه كواحد منكم في الأمر والنهّي إذا أمر أحدكم أجاب إن شاء ، ولم يجب إن شاء. وكذا إذا نهي ، يجب عليكم أمره ونهيه بدليل قوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ)(٥).
ويعبّر به عن السؤال وعن الاستعانة ، ومنه : «دعوا الله» أي سألوه حوائجهم واستعانوه عليها. قوله : (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)(٦) تنبيه على أنّهم إذا دهمتهم شدة لم يلهجوا إلا باسمه ، ولم يخطر ببالهم غيره ممّا كانوا يعبدونه في الرّخاء من الأصنام ونحوها. قوله : (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً)(٧) أي نادوا الهلاك واستغاثوا به ؛ يقولون : يا هلاك هذا حينك.
__________________
(١) ٢٢ يونس : ١٠.
(٢) شرح المفصل : ٦ ٢٧ ، وفيه : من الأمر (في البيت الثاني).
(٣) ٦٣ النور : ٢٤.
(٤) ٢ الحجرات : ٤٩.
(٥) ٦٣ النور : ٢٤.
(٦) ٦٧ الإسراء : ١٧.
(٧) ١٣ الفرقان : ٢٥ الثبور : الهلاك ، أي قالوا : واثبوراه!.