حذف مضافين أي تجعلون بدل شكر رزقكم تكذيبكم. قوله : (فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ)(١) أي بطعام يتغذّى به كقوله : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ)(٢) أي سبب رزقكم ، وهو المطر ، وقيل : تنبيه أنّ الحظوظ بمقادير ، كما قال الآخر (٣) : [من الطويل]
وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى |
|
ولكن أحاظ قسّمت وجدود |
قوله : (رِزْقاً لِلْعِبادِ)(٤) يجوز أن يراد به ما يتغذّى به كالحبّ ونحوه ، وأن يراد ما ينتفع به من مأكول وملبوس ونحوهما ، فكلّ هذا رزق. قوله : (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(٥) أي يفيض عليهم ربّهم النّعم الأخرويّة ، فهذا من العطاء الأخرويّ. وقد فسّر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ذلك بأن «أرواحهم في حواصل طير خضر تعلق من ثمار الجنة» (٦) أي تأخذ العلقة. وقيل : تنعيم أرواحهم في الجنة كما قال : «تأوي إلى قناديل من ذهب» (٧) وهذا كلّه رزق. وإنما قال : (يُرْزَقُونَ) بعد قوله : (أَحْياءٌ) تنبيها على أنها حياة حقيقية مقترنة بالرزق ، لم يكتف بالنّهي عن طلب حسبانهم مواتا حتى أكّد ذلك بما هو من شأن الحياة ، وهو الرزق. والرازق من صفات الباري تعالى ، إلا أنّ الرازق قد يطلق على غيره ؛ فإنّ الرازق هو خالق الرزق ومعطيه ، ولا يكون هذان المعنيان لغير الله تعالى. والرازق أيضا يقال لمن تسبّب في إيصال الرزق لمرزوق ، وهذا يتّصف به غير الباري تعالى. وأما الرزّاق (٨) فلا يطلق على غير الباري لما فيه من المبالغة ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)(٩). قوله : (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ)(١٠) أي لا مدخل لكم في أن ترزقوهم شيئا البتّة.
__________________
(١) ١٩ الكهف : ١٨.
(٢) ٢٢ الذاريات : ٥١.
(٣) البيت لسويد بن حذاق العبدي ويروى للمعلوط بن بدل القريعي. والبيت من شواهد اللسان ـ ماد حظظ.
(٤) ١١ ق : ٥٠.
(٥) ١٦٩ آل عمران : ٣.
(٦) سنن أبي داود ، الجهاد : ١٨.
(٧) صحيح مسلم ، الإمارة : ١٢١.
(٨) الرازق : في الأصل.
(٩) ٥٨ الذاريات : ٥١.
(١٠) ٢٠ الحجر : ١٥.