القول بالتغاير. فان الارادة : المعبر عنها بالشوق المؤكد من الصفات النفسية القائمة بالنفس ، كالحب ، والشجاعة ، والفراسة وغير ذلك. اما الطلب : فهو من مقولة الافعال الخارجية ، لان حقيقة التصدى الى ايجاد شىء فى الخارج بعد ان يشتاق اليه. فهو فى رتبة متأخرة عن الشوق المؤكد. فلا يقال : لمن كان مشتاقا الى تحصيل الدراسة والتعليم انه طالب علم ما لم يتصد الى تحقيق ذلك. غاية الامر ان الطلب قد يتعلق بفعل الغير ، وقد يتعلق بفعل نفس الشخص ، والجامع بينهما هو التصدى نحو الشىء واذا عرفت ان الطلب من مقولة الافعال ، وفى رتبة متأخرة عن الارادة التى هى من صفات النفس ، فلا بد من الحكم باعتبار التغاير بينهما ، وان احدهما ليس عين الآخر.
ومن هنا ظهر ما فى القول الثانى من دعوى التغاير بينهما مفهوما لا مصداقا. فانك بعد ان عرفت الفارق بينهما ، وان الارادة من الصفات النفسية ، والطلب من الافعال الخارجية المتأخر رتبة عن الارادة. فكيف يتم دعوى الاتحاد بينهما مصداقا والخلاصة : ان الطلب والارادة متغايران مفهوما ، ومصداقا.
الامر الثانى ـ المعروف بين العلماء القول بان الجمل الخبرية .. تدل على ثبوت النسبة ، او عدمها. وقد عبّر بعضهم عن ذلك بالنسبة الثبوتية ، او السلبية. واما الجمل الانشائية .. فانها تدل على ايجاد المعنى فى الخارج وقد سبق ان ذكرنا هذا القول ، والاشكالات عليه وانتهينا الى ان الجمل الخبرية انما تدل على قصد المتكلم الحكاية عن ثبوت النسبة ، او عدم ثبوتها. وليس الثبوت ، وعدمه من مداليل الجملة اصلا فان حالة السامع قبل الاخبار وبعده على حد سواء ، وغاية ما يحصل فى ذهن السامع نسبة القيام الى زيد اذا قيل ـ مثلا ـ زيد قائم ـ ولكنها نسبة تصورية ، وليست