الاصابع ، ولو كان الشوق علة تامة فى الفعل لما جاز تخلف المعلول عنها ، والوجدان حاكم بجواز تخلفه. فهذا يكشف عن وجود واسطة بينهما ، تدعى بالاختيار التى هى عبارة عن اعمال القدرة فى الفعل او الترك.
اما الفلاسفة ، وغيرهم من الاصوليين كصاحب الكفاية ـ قده ـ فقد ذهبوا الى الاول ، وادعوا ان الشوق المؤكد هو علة تامة فى تحقق الفعل خارجا بحيث لا يتخلف الفعل عنه اصلا ، واعتبروا ذلك غير مناف للاختيار ، لان معنى اختيارية الفعل سبقه بالارادة ، التى هى عبارة عن الشوق المؤكد.
اما نفس الارادة فليست باختيارية لعدم سبقها بالارادة ، وإلّا لدار او تسلسل فالانسان يفعل بالاختيار لسبق عمله بالارادة ، وان كانت الارادة غير اختيارية.
ومن اجل هذا وقعوا فى محذور العقاب ، وكيف يستطيع المولى الحكيم ان يعاقب المذنبين الذين صدرت اعمالهم قهرا عليهم ، لتحقق عللها بدون اختيار منهم ، وما هى إلّا كافعال الاضطرارية التى لا يستحق فاعلها العقاب عليها. كما ان عدم الاطاعة ليست بمعصية لعدم تحقق علة الفعل وهى الارادة ، واذا كان الامر كذلك فكيف جاز العقاب على ما ليس بالاختيار. انه ظلم ومؤاخذة بدون عذر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ،
وقد اجيب عن ذلك بعدة اجوبة : ـ
الاول ـ ما ذكره رئيس الاشاعرة ، والمجبرة ابو الحسن البصرى. من ان الثواب ، والعقاب انما هما على كسب العبد واكتسابه ، دون الفعل الخارجى استنادا الى قوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ