وغير خفى ـ ان المراد بالكلام فى الامثال العرفية انما هو الوجود الذهنى فحسب. وقد عرفت انه لا يتصف بالكلام النفسى عندهم ، واما الآيات الشريفة. فهى غير مرتبطة بما نحن بصدده لانها فى مقام بيان ما يرتبط بالنفس من الحسد ، والنوايا السيئة ، والمقاصد الفاسدة ، وغير ذلك مما هو مضمر فى النفس.
الامر الثالث ـ والبحث فيه يقع عن الارادة المعبّر عنها بالشوق المؤكد الذى يستتبع تحريك العضلات ، وهل هى علة تامة فى صدور الفعل خارجا ، او هناك واسطة بينهما تسمى بالاختيار ، او الطلب ، بان يشتاق الانسان اولا ، ثم يطلب فيقع الفعل خارجا؟.
والصحيح هو الثانى ، وان الارادة بمعنى الاشتياق الى الفعل ليست بعلة تامة فى ايجاد الفعل ، بل هناك واسطة بينهما تسمى بالاختيار ، او الطلب.
بيان ذلك : ان الشوق المؤكد امر نفسى يحصل من ملائمة الطبع لشىء ، وعدم ملائمته لآخر ، وهو امر غير اختيارى ، بالضرورة ، وهذا الشوق ليس بعلة تامة بالاضافة الى الافعال الخارجية لاننا نرى بالوجدان ان هناك ما يتخلل بين سائر افعالنا ، وحصول الشوق باعلى مراتبه ، وذلك الوسيط هو الطلب ، او الاختيار الذى معناه طلب الخير لان الاختيار ماخوذ من الافتعال ، وقد اخذ فيه الطلب. ومعناه اعمال القدرة فى تحصيل الفعل او الترك ، بمعنى ان المكلف يختار ايجاد الفعل ، او عدمه حسب ما يلائمه ، بعد ان رزقه الله تعالى قوة كافية لذلك. وبديهى ان الاختيار بهذا المعنى فعل من افعال النفس ، والشوق صفة من صفاتها كالعلم ، والشجاعة ، كما واننا بالوجدان نرى فرقا بين حركة المرتعش ، وحركة