يسمع توصيف العرب لموجد النوم بالنوم بان يطلقوا عليه النائم فانهم يرونه وصفا لمن قام به النوم على نحو الحلول فعدم صحة توصيفه تعالى بهما من جهة عدم استعمالهما بهذا المعنى ، وغير مستند الى اعتبار الحلول فى صحة التوصيف على الاطلاق.
الدليل الثالث ـ ان كل متكلم بالاختيار اذا اراد اظهار كلامه خارجا الذى هو فعل اختيارى مسبوق ، بالارادة ، والاختيار يلتجئ الى تنظيم ذلك فى قرارة نفسه ، وترتيبه من تصور المعنى اولا ، من حيث فائدته وحسنه ، ثم الالفاظ ثانيا. بعد ان يبذل دقة كاملة فى ذلك ، ثم يشتاق الى ذلك شوقا مؤكدا فيعبّر عن مقصوده بالالفاظ الخاصة التى هى الكلام اللفظى ، وبهذا اصبح مدلول الكلام اللفظى كلاما نفسيا.
وغير خفى : انهم ان ارادوا بالكلام النفسى هذا المعنى. ففيه ان الكلام اللفظى لا يدل عليه بالدلالة الوضعية ، بل العقل يدل على ذلك لان كل فعل اختيارى صادر من الانسان لا بد من الاحاطة به بتمام شئونه من حيث منافعه ، ومضاره ، ولا يختص هذا بالكلام لوجوده فى الاكل والقيام النفسيين ، ونحوهما من الافعال الصادرة من العاقل المختار ، بل الامر فى الواجب تعالى ـ ايضا ـ كذلك ، لعلمه بكل ما كان وما يكون ففعله مسبوق بالوجود العلمى لا محالة ، وذلك لان المعنى المدعى عبارة اخرى عن الوجودات الذهنية للاشياء ، وهى لا تسمى بالوجود النفسى عندهم.
الدليل الرابع ـ الاستشهاد بالآيات الشريفة كقوله تعالى : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ) وقوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) وغيرهما. ومن الامثال العرفية كقولهم : ان فى نفسى كلاما لا اريد ان أبديه ، وما شاكل ذلك مما دل على وجود الكلام النفسى.