بالاضافة اليه تعالى لان ما سواه ملك له. واما غيره فهو تحت سلطنته ولا سلطان لغيره ولا شريك له فى ملكه فكلما تصرف فى شىء فقد تصرف فى سلطانه فلو اسكن نبيا من انبيائه فى النار ، او شقيا فى الجنان لما صدق عليه ارتكاب القبيح لانه تصرف فى عبده وملك نفسه فله ان يفعل فيه ما يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
واما الآيات النافية للظلم عن ساحته تعالى كقوله (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فانما هى بصدد سلب الظلم عنه ، لعدم امكان تحققه منه لا لاجل عدم صدوره منه لقبحه. مضافا الى ذلك ان الله تعالى كيف يكون محكوما لعباده ، وما معنى عدم تجويز الظلم عليه عقلا.
وغير خفى ـ ان الظلم هو بمعنى الاعوجاج وعدم الاستقامة فى العمل ، وهو المعبّر عنه بجعل الشىء فى غير موضعه. كما ان العدل بمعنى الاستواء فى العمل وهو المعبّر عنه بجعل كل شىء فى محله وصدق هذين المعنيين لا يتوقف على كون التصرف تصرفا فى ملك غيره ، بل لو جعل احد ملك نفسه فى غير موضعه عدّ ذلك ظلما منه ، ومن هنا يقال : ان فلانا ظلم نفسه اذا تجاوز او قصّر فى حفظها. مع ان نفسه غير مملوكة لغيره ، فعلى هذا اذا عاقب المولى عبده المطيع ، او اثاب العاصى كان ذلك ظلما منه ووضعا لهما فى غير محله وان كان الملك ملك نفسه والتصرف تصرفا فى سلطانه. لان العقل السليم ـ يدرك ان اثابة المطيع ومؤاخذة العاصى امران واقعان فى محلهما فلا ينحصر الظلم بالتصرف فى ملك غيره نعم الغصب لا يتحقق فى حقه تعالى ، لانه عبارة عن التصرف فى ملك الغير من غير رضاه وقد عرفت ان ما سواه ملك له وهو مالك الرقاب.
ثم ان معنى كون الظلم قبيحا عليه سبحانه ليس هو حكم عبيده عليه