بشىء ، بل معناه ان العقل يدرك عدم مناسبته له وانه مما لا ينبغى صدوره منه ، فلا يرد ان الله سبحانه يستحيل ان يكون محكوما لعباده ، مضافا الى ذلك ان الظلم لو كان جائزا بالاضافة اليه سبحانه فما وجه ارسال الرسل ، وانزال الكتب لدعوة الناس الى اطاعة الله تعالى. وتبعيدهم عن مخالفته لانهما على هذا من اللغو الظاهر. فان كلا من المطيع والعاصى يحتمل العقاب على فعله ، كما يحتمل الثواب عليه فلا حاجة الى الطاعة لجواز اثابة العاصى ، ومؤاخذة المطيع.
فان قلت ـ ان اطاعة المطيع مستندة الى ما وعده الله سبحانه على عمله من الحسنات ، والحور ، والقصور. او ما اوعده من السيئات ، واحراقه بالنار والويل ، والعذاب.
قلت ـ كيف يوثق بوعده تعالى ، ويطمئن بصدقه مع الالتزام بعدم قبح الكذب ، وخلف الوعد عليه تعالى الله علوا كبيرا. وبالجملة ان تجويز ارتكابه تعالى الظلم مما يهدم اساس الشرائع والاديان.
الرابع ـ ما جاء به صاحب الكفاية. كما ورد فى بحث التجرى ان العقاب ليس من معاقب خارجى ليلزم المحذور المتقدم وانما هو من لوازم الاعمال ، فنسبة العمل الى العقاب كنسبة البذر الى الثمر فما كان بذره صحيحا كان نتاجه صحيحا ، وما كان بذره فاسدا كان نتاجه فاسدا. فالعمل الصحيح يضمن السعادة ، والخير لفاعله. اما العمل السيئ فمصيره الخيبة ، والخسران ولا يلزم الظلم حينئذ فى معاقبة العبد من حيث علمه.
وغير خفى : ـ ان المعصية لا تلازم العقاب ، وانما توجب استحقاقه فالامر لله وله ان يعاقب ، وله ان يعفو ولو كان العذاب منحصرا بما ذكر لم يبق مجال للعفو ، ولم يكن معنى لخلق الجنان ، والنيران. فان هذا