الامر ، او لا يكون مقيدا بهذا ولا بذاك ، بل يراد منه نفس الطبيعى بلا دخل لقصد الامر وجودا وعدما ، ولا يخرج الامر الواقعى عن هذه الامور الثلاثة اصلا ، وحيث استحال التقييد بقصد الامر على مختاره للزوم المحاذير المتقدمة ، كما وقد استحال التقييد بعدم الاتيان بداعى الامر لكونه خلاف الغرض اذ الغرض من الامر جعل الداعى فى نفس المخاطب ، وبعثه نحو المامور به ، فلا بد من الاطلاق لا محالة لاستحالة الاهمال فى الواقعيات لما ذكرناه ، واليه اشار الشيخ (قده) بقوله من انه اذا استحال التقييد يجب الاطلاق ، نعم فى مرحلة الاثبات صورة ثالثة غير الاطلاق والتقييد ، وهى الاهمال كما اذا لم يكن المولى فى مقام البيان ، او كان ولم يتمكن من بيان قيده ، فانه لو اطلق كلامه ، ولم يبين شيئا لم يمكننا التمسك بالاطلاق ، ولعل من هذا القبيل قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ،) الخ فان الآية الشريفة تشير الى لزوم القصر عند تحقق الضرب فى الارض ، وقد اهملت التعرض لمقدار الضرب ، وتحديده بحد خاص ، فكانت مهملة من هذه الناحية ، ومع ثبوت الاهمال فيها لا يمكن التمسك بالاطلاق.
وقد ظهر من مجموع ما ذكرناه ، ان المقدمة الاولى التى ذكرها شيخنا الاستاذ ـ قده ـ وهى استحالة تقييد العبادة ـ بداعى الامر ـ ليست بتامة ، كما ان المقدمة الثانية وهى ان استحالة التقييد تستوجب استحالة الاطلاق ـ ايضا ـ غير تامة ، وذلك فانه على فرض ان التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة ، فذلك لا يقتضى ما ذكره لاعمية القابلية المعتبرة بين العدم والملكة ، من الشخصية ، والصنفية ، والنوعية ، نعم فى مرحلة الاثبات استحالة التقييد تستوجب استحالة