لم يشرب ما فيه. فللعبد فى هذه الصورة ان يبادر مرة آخرى ، ويأتى بماء آخر لبقاء الغرض الاقصى ، وعدم سقوطه بعد الامتثال الاول.
والصحيح ان يقال : بعدم تجويز الامتثال ثانيا بعد الامتثال الاول ، وذلك للزوم التناقض بين تعلق الامر بالطبيعة ، والحكم بجواز الامتثال ثانيا ـ فان معنى القضية الاولى التى هى تعلق الامر بالطبيعة هو حصول الامتثال للمأمور به بالمرة الاولى ، وانطباق الطبيعة على الموجود الخارجى انطباقا قهريا ، ولازمه سقوط الغرض فى المأمور به ، فلا امر ليمتثل مرة ثانية ، وان معنى القضية الثانية التى هى جواز الامتثال ثانيا ، هو عدم حصول الامتثال اولا ، وعدم سقوط الغرض بما اتى به فالامتثال الثانى لازم ، وهذان المعنيان لا يجتمعان.
(وبتعبير آخر) ان متعلق التكليف بالنسبة الى الخصوصية التى اتى بالطبيعة معها اولا ، اما ان يكون مطلقا ، او مقيدا بعدمها ، فعلى الاول فالاتيان بالمامور به خارجا موجب لصدق الطبيعة عليه فيسقط لا محالة. فلو اراد ان يأتى به ثانيا فبأي داع ياتى به. وعلى الثانى فلا يكون من الامتثال عقيب الامتثال لعدم تحقق الامتثال اولا اذا ففرض كون المطلوب هو الطبيعة ان الامتثال الاول يجزى ـ كما يأتى بيانه فى بحث الاجزاء إن شاء الله تعالى ـ فلا وجه للامتثال ثانيا.
واما ما جاء فى الكفاية فغير تام ، لان الغرض المبحوث عنه هنا انما هو الغرض المترتب على نفس المأمور به لا غيره مما لا يترتب عليه فقط ، فان غرض الامر كرفع العطش ـ مثلا ـ انما يترتب على فعل الامر نفسه ، وليس بقابل لان يمتثله العبد ، نعم المقدور للعبد تمكين المولى من الشرب وتهيئة المقدمات له ، وهذا حاصل بمجرد الامتثال الاول ،