وقد يدعى : ان البحث عن وجوب المقدمة بحث كلامى ، لان المسألة عقلية ، ولكنه غير صحيح اذ ليس كل مسألة عقلية هى من المسائل الكلامية.
وربما يدعى : ان البحث فى هذه المسألة داخل فى المبادى الاحكامية ، ولكنه يندفع بما سبق بيانه من ان المبادى لا تخلو عن ان تكون اما تصورية ، او تصديقية ، والمبادى التصورية هى التى يبحث فيها عن نفس الموضوع او المحمول ، والبحث عن وجوب المقدمة لا يعود الى ذلك ، واما المبادى التصديقية فهى التى يتوقف عليها تشكيل قياس العلم ومنها المسائل الاصولية بالنسبة الى علم الفقه لانها التى تقع نتيجتها فى طريق الاستنباط وقد قلنا : بان المبادى الاحكامية لا نتصورها فى قبال المبادى التصورية والتصديقية.
والحق فى المقام ان يقال : ان البحث عن وجوب المقدمة من المسائل الاصولية العقلية غير المستقلة ، اما كونها من المسائل العقلية فواضح ، لان الحاكم بهذه الملازمة على تقدير تحققها هو العقل ، خلافا لصاحب المعالم (قده) حيث يستفاد من كلامه ان البحث لفظى ، فقد علل نفى وجوب المقدمة «بانه لو دل عليه لدل باحدى الدلالات الثلاث المطابقة او التضمن او الالتزام» ، واما كونها من المسائل العقلية غير المستقلة ، فلان استنتاج الحكم الشرعى منها موقوف على ضم مقدمة شرعية وهى حكم الشارع فى وجوب ذيها ، بخلاف الاحكام العقلية المستقلة كباب التحسين والتقبيح العقليين لعدم توقفه على آية مقدمة اخرى غير عقلية.
الامر الثالث : فى تقسيمات المقدمة.
لقد ذكروا للمقدمة تقسيمات متعددة (اولاها) : تقسيمها باعتبار