حصوله منه ؛ كما هو الحال غالبا في القطّاع ، ضرورة (١) : أن العقل يرى تنجز التكليف بالقطع الحاصل مما لا ينبغي حصوله ، وصحة مؤاخذة قاطعه على مخالفته ، وعدم صحة الاعتذار عنها بأنه حصل كذلك (٢) ، وعدم صحة المؤاخذة مع القطع بخلافه ، وعدم حسن الاحتجاج عليه بذلك ، ولو مع التفاته إلى كيفية حصوله.
______________________________________________________
التكليف وإيجابه المثوبة على الطاعة عند الإصابة ، وكونه عذرا عند الخطأ ، وسببيّته لاستحقاق العقوبة على المخالفة عند الإصابة.
وجه التقييد بقوله : «غالبا» : هو إمكان حصول القطع للقطاع من الأسباب المتعارفة ، التي ينبغي حصول القطع منها ، فيكون القطاع كغيره من القاطعين في أنه لا إشكال في حجية قطعه ، كعدم الإشكال في حجية قطع غيره.
(١) تعليل لقوله : «لا تفاوت» ، وحاصله : أن العقل الحاكم بحجية القطع لا يفرق في اعتباره بين أفراده وأسبابه ، فيرى تنجز التكليف بالقطع من أي سبب حصل ؛ إذ المناط في الحجية عند العقل هو انكشاف الواقع ، وهو حاصل للقطاع بحسب نظره كحصوله لغيره من القاطعين.
(٢) أي : حصل القطع من أمر لا ينبغي حصوله منه ، والحاصل : أن العقل يرى عدم صحة اعتذار العبد عن مخالفة القطع بكونه حاصلا من سبب غير متعارف ، فلو كان القطع الطريقي المعتبر خصوص ما يحصل من الأسباب المتعارفة لكان هذا الاعتذار صحيحا.
قوله : «وعدم صحة المؤاخذة» عطف على «تنجز التكليف» ، وهو أثر آخر من آثار حجية القطع الطريقي وحاصله : أن القطع إذا أخطأ كان عذرا في فوات الواقع ، وهذا الأثر مترتب على قطع القطاع.
قوله : «وعدم حسن الاحتجاج عليه بذلك» أيضا عطف على «تنجز التكليف» يعني : أن العقل يرى عدم صحة احتجاج المولى على القاطع العامل بقطعه الحاصل من سبب غير متعارف بأنك لما ذا عملت به مع حصوله من سبب غير متعارف؟ «ولو مع التفاته» أي : ولو مع التفات القاطع إلى كيفية حصول قطعه بأنه حصل من سبب غير متعارف ؛ لأن المناط في حجيته عقلا هو كشفه عن الواقع ، وهذا المناط موجود في قطع القطاع. هذا كله في قطع القطاع إذا أخذ طريقا إلى الحكم.
وأما إذا أخذ في موضوع الحكم فلا يكون حجة مطلقا ؛ بل إنه يتبع في اعتباره دليل ذلك الحكم الذي أخذ القطع في موضوعه. هذا ما أشار إليه بقوله : «نعم ربما يتفاوت الحال في القطع المأخوذ في الموضوع».