.................................................................................................
______________________________________________________
المقام الثاني : في اعتباره في مقام إسقاط التكليف ، بمعنى : إسقاط التكليف بالامتثال الإجمالي أي : الاحتياط بإتيان أطراف العلم الإجمالي. هذا مجمل الكلام في المقامين.
وقبل الخوض في تفصيل الكلام فيهما ينبغي بيان أمرين :
الأول : بيان ما هو المراد من العلم الإجمالي في المقام ، فنقول : إنّ المراد منه ليس العلم بالأفراد من العلم بالكلي ، كما يقول به المنطقيون ، وكذا ليس المراد من العلم الإجمالي العلم بالمعلول من العلم بالعلة كما يقول به الفلاسفة : ولا بمعنى الارتكازي الغير الملتفت إليه ؛ بل المراد به : ما هو المصطلح عند الأصوليين وذلك يتضح بعد مقدمة وهي : انّ التكليف يتوقف على أمرين :
أحدهما : ما يتعلق به التكليف الوجوبي كالصلاة ، أو التحريمي كالخمر مثلا.
وثانيهما : من يتوجه إليه التكليف ، وهو المكلف ، ثم أضف إلى هذين الأمرين نفس التكليف ، فهنا ثلاثة أمور : المتعلق ، المكلف ، التكليف.
ثم المكلف تارة : يعلم بالجميع ، وهذا العلم منه يسمّى بالعلم التفصيلي ، وأخرى : لا يعلم بشيء منها ، وهذا الجهل منه يسمى بالجهل البسيط ، وثالثة : يعلم ببعضها دون بعض.
فتارة : يعلم بالتكليف فقط مثل : من يرى المني في ثوب مشترك بينه وبين غيره ، فإنه يعلم بوجوب الغسل فقط ؛ لأن المكلف مردد بين شخصين كما أن المكلف به مردد بين غسل هذا أو غسل ذاك.
وأخرى : يعلم بالتكليف والمكلف ولا يعلم بمتعلق التكليف هل إنه صلاة الجمعة يومها أو صلاة الظهر؟
وثالثة : يعلم بالمكلف والمتعلق ، ولا يعلم بالتكليف ؛ كمن لا يعلم بأن حكم صلاة الجمعة هو الوجوب أو الحرمة؟.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن المراد من العلم الإجمالي : هو أن يكون المعلوم مرددا بين أمرين أو أكثر ، فيكون المعلوم مجملا.
ومن هنا ظهر : أن اتصاف العلم بالإجمال يكون من قبيل وصف الشيء بحال متعلقه ؛ لأن الإجمال في الحقيقة صفة للمعلوم لا للعلم.
الأمر الثاني : بيان الثمرة بين القولين : وهي جواز الاحتياط بترك الاجتهاد والتقليد على القول باعتبار العلم الإجمالي في المقامين ، أي : مقام إثبات التكليف ومقام إسقاطه ،