العباديات : فكذلك فيما لا يحتاج إلى التكرار ، كما إذا تردد أمر عبادة بين الأقل والأكثر ؛ لعدم الإخلال بشيء مما يعتبر أو يحتمل اعتباره في حصول الفرض منها. مما لا يمكن أن يؤخذ فيها ، فإنه نشأ من قبل الأمر بها ؛ كقصد الإطاعة والوجه والتمييز
______________________________________________________
الاحتياط في العبادات إذا لم يتوقف على التكرار فلا إشكال في سقوط التكليف به ، كما إذا ترددت العبادة ـ كالصلاة ـ بين عشرة أجزاء وتسعة ، فإن الاحتياط فيها يتحقق بإتيان عشرة ، ولا يتوقف على التكرار ، ويسقط التكليف به ، سواء كان المشكوك فيه جزءا أم شرطا. فالمشار إليه في قوله : «فكذلك» هو نفي الإشكال عن سقوط التكليف بالاحتياط «فيما لا يحتاج إلى التكرار». قوله : «لعدم الإخلال ...» الخ تعليل لمشروعية الاحتياط في العبادات إذا لم يتوقف على التكرار ، وعدم الإشكال في سقوط التكليف به.
وحاصل الكلام في المقام : أنه إذا أتى بالأكثر ، فلا يقدح ذلك في الامتثال وسقوط الأمر ؛ لعدم كونه موجبا للإخلال بما يعتبر قطعا في حصول الغرض من العبادة من القيود التي لا يعقل أن تؤخذ في نفس العبادة ، كقصد القربة والوجه ، والتمييز ، لتأخرها عن الأمر ولنشوئها عنه ، فكيف يمكن أخذها في موضوع الأمر؟
نعم ؛ يكون الاحتياط مخلا بقصد الجزئية أو الشرطية بالنسبة إلى المشكوك فيه ؛ إلا إن دخل قصدها في حصول الغرض من العبادة في غاية الضعف والسقوط. وعلى هذا : فلا إشكال في مشروعية الاحتياط في العبادات فيما لا يلزم منه التكرار كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ١٨٧» مع توضيح وتصرف منّا.
قوله : «فإنه نشأ» تعليل لقوله : «لا يمكن أن يؤخذ».
قوله : «كقصد الإطاعة» مثال لما يعتبر قطعا في حصول الغرض من العبادة ، ولا يمكن أخذه في نفس العبادة. «والوجه والتمييز» مثالان لما يحتمل اعتباره في حصول الغرض منها ، مع عدم إمكان أخذهما في نفس العبادة.
قوله : «فيما إذا أتى بالأكثر» متعلق بقوله : «لعدم الإخلال».
وحاصل الكلام : أن الاحتياط في العبادة ـ إذا لم يلزم منه تكرار ـ لا مانع عنه أصلا ؛ لأنه ليس مخلا بشيء مما يعتبر في نفس العبادة من الأجزاء والشرائط ، إذ المفروض : الإتيان بتمامها ضرورة : إمكان قصد القربة وإمكان قصد الوجه والتمييز أيضا ، وما يلزم إخلاله كقصد جزئية المشكوك فيه لا يكون موجبا للإخلال في نفس العبادة ، كما أشار إليه بقوله : «ولا يكون إخلال».