عدم إصابته (١) ، كما هو شأن الحجة الغير المجعولة (٢) ، فلا يلزم (٣) اجتماع حكمين مثلين أو ضدين ، ولا طلب الضدين ، ولا اجتماع المفسدة والمصلحة ، ولا الكراهة والإرادة ، كما لا يخفى.
وأما تفويت (٤) مصلحة الواقع ، أو الإلقاء في مفسدته (٥) : فلا محذور فيه أصلا ، إذا كانت في التعبد به (٦) مصلحة غالبة على مفسدة التفويت أو الإلقاء.
______________________________________________________
يختلف متعلق الإرادة والكراهة ؛ إذ هما يتبعان المصلحة والمفسدة ، فلا تتعلق الإرادة بمتعلق الحكم الظاهري ؛ بل بنفس الحكم ؛ لأنه مركز المصلحة.
وأما نفس الحكمين بما هما إنشاءان ، مع قطع النظر عن مبدئهما فلا تضاد ولا تماثل بينهما ، فإن الإنشاء خفيف المئونة كما قيل.
الوجه الثالث : الالتزام بعدم كون الواقع فعليا تام الفعلية ومن جميع الجهات ، ببيان : أن الحكم الفعلي هو الحكم الواصل إلى مرحلة البعث والزجر ، وذلك إنما يكون إذا كانت على طبقة الإرادة والكراهة فعلا ، فيلتزم بأن إرادة الواقع معلقة على صورة عدم ثبوت الإذن على خلافه ، فإذا كان هناك إذن فعلي ـ كما في موارد أصالة الإباحة ـ لم يكن الحكم الواقعي فعليا من جميع الجهات ؛ إذ هو فعلي على تقدير ولم يتحقق التقدير لفرض ثبوت الإذن.
وكيف كان ؛ فالالتزام بعدم فعلية الواقع التامة لتعليقها على عدم الإذن يوجب عدم اجتماع الضدين ؛ لعدم الإرادة والكراهة في شيء واحد ، إذ الواقع ليس مرادا ، كما أنه ليس بذي مصلحة ملزمة فعلا ، فلا تنافي بين الحكمين حينئذ ، كما في «منتقى الأصول ، ج ٤ ، ص ١٤٣» مع توضيح وتصرف منّا.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) هذا الضمير وضميرا «مخالفته وموافقته» راجع إلى الطريق غير العلمي.
(٢) أي : القطع ، إذ حجيته ذاتية غير مجعولة ، كما عرفت في بحث القطع.
(٣) لما عرفت من عدم كون الحجية مستتبعة لأحكام تكليفية ، مع وضوح : أن منشأ الاجتماع المزبور هو جعل الحكم التكليفي في التعبد بالأمارات ، والمفروض عدمه.
(٤) هذا بيان لمنع الكبرى ، وقد عرفت توضيح ذلك ، فلا حاجة إلى الإعادة.
(٥) أي : مفسدة الواقع ، كما إذا أدت الأمارة إلى حلية شرب التتن ، مع فرض حرمته واقعا ، وضمر «فيه» راجع على ما ذكر من التفويت أو الإلقاء.
(٦) أي : بالطريق غير العلمي.