كراهته الموجبة لإنشائه (١) بعثا أو زجرا في بعض المبادئ العالية ، وإن لم يكن في المبدأ الأعلى إلا العلم بالمصلحة أو المفسدة ـ كما أشرنا ـ فلا يلزم أيضا اجتماع إرادة وكراهة ، وإنما لزم إنشاء حكم واقعي حقيقي بعثا وزجرا ، وإنشاء حكم آخر طريقي ، ولا مضادة بين الإنشاءين فيما إذا اختلفا (٢) ، ولا يكون من اجتماع المثلين المستحيل فيما اتفقا (٣) ، ولا إرادة ولا كراهة أصلا (٤) إلا بالنسبة إلى متعلق الحكم الواقعي ، فافهم (٥).
______________________________________________________
(١) هذا الضمير وضمير «متعلقه» راجعان إلى الحكم ، وضميرا إرادته وكراهته راجعان إلى المتعلق.
(٢) أي : الحكمان ؛ بأن كان الحكم الواقعي الحرمة والطريقي الوجوب ، فإنه لا بأس باجتماعهما لكونهما إنشائيين ، وإنما يلزم اجتماع الضدين فيما إذا كانا فعليين.
(٣) بأن كان كل من الحكم الواقعي والطريقي الوجوب ، فإنه ليس من اجتماع المثلين المستحيل ؛ لاختلاف الحكمين نسخا ؛ إذ المفروض : كون أحدهما واقعيا والآخر طريقيا ظاهريا.
(٤) أي : ولا إرادة ولا كراهة بالنسبة إلى الطريقي ، وإنما هما ثابتتان بالنسبة إلى متعلق الحكم الواقعي ؛ لأنه الحكم النفسي التابع للمصلحة والمفسدة المستتبعتين للإرادة والكراهة ، بخلاف الصوري الذي منه الطريقي ، فإنه في نفسه فاقد للمصلحة والمفسدة ، المستتبعتين للإرادة والكراهة ، المتوقفتين على مبادئ خاصة.
(٥) لعله إشارة إلى : أن ظاهر ما تقدم في دفع غائلة الاجتماع المذكور بقاء الحكم الواقعي على الفعلية الحتمية ، المستلزمة لانقداح الإرادة والكراهة في صورتي إصابة الأمارة وخطئها ، وحينئذ : يقع الإشكال في أنه يسوغ الإذن في خلافه ، فإن الحكم الطريقي إن كان هو الإباحة مثلا كان منافيا قطعا للحرمة أو الوجوب الحقيقي ، فمجرد الالتزام بالحكم الطريقي وإن كان يدفع غائلة اجتماع المثلين أو الضدين ؛ لكنه لا يدفع منافاة الإرادة أو الكراهة للإذن ؛ لأنه مساوق لعدمهما وإن كان صوريا. ولكن سيأتي من المصنف «قدسسره» دفع هذه المنافاة في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي فانتظر.
أو إشارة إلى ضعف قوله : «ولا إرادة ولا كراهة أصلا إلا بالنسبة إلى متعلق الحكم الواقعي.
وحاصل الضعف : أنه كما أن الحكم الواقعي يكون عن مصلحة نفسية في الفعل موجبة لإرادته ، أو عن مفسدة كذلك موجبة لكراهته ، فكذلك الحكم الظاهري الطريقي