نعم (١) ؛ يشكل الأمر في بعض الأصول العملية كأصالة الإباحة الشرعية ، فإن
______________________________________________________
أي : المقدمي يكون عن مصلحة غيرية في الفعل ، وهي الوصول إلى الواقعيات غالبا موجبة لإرادته أو كراهته ، فيجتمع حينئذ الإرادة والكراهة جميعا ، فلا يدفع إشكال لزوم اجتماع الإرادة والكراهة في مورد واحد.
(١) هذا استدراك على ما ذكره في دفع غائلة اجتماع الحكمين في الأمارات بجعل أحد الحكمين حقيقيا ، والآخر طريقيا.
وحاصل الاستدراك ـ على ما في «منتهى الدراية» ، ج ٤ ، ص ٢٢٩ ـ : أن ظاهر أدلة بعض الأصول العملية كقوله «عليهالسلام» : «كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه» جعل الإباحة الشرعية الواقعية ، وهي تنافي الحرمة الواقعية ، ويلزم اجتماع المثلين إذا كان الحكم هو الإباحة أيضا. وعليه : فلا يندفع محذور اجتماع الحكمين المتماثلين أو المتضادين في مثل أصالة الإباحة بما دفع به في حجية الأمارات.
ولتوضيح ذلك يقال : إن الإباحة على قسمين :
أحدهما : الإباحة الاقتضائية ، وهي الإباحة الناشئة عن مصلحة في متعلق الإباحة أو نفسها.
ثانيهما : الإباحة اللااقتضائية ، وهي الإباحة الناشئة عن عدم المصلحة والمفسدة في المتعلق ؛ إذ لو كان فيه إحداهما كان الحكم الوجوب أو الحرمة إن كانت ملزمة ، أو الاستحباب أو الكراهة إن لم تكن ملزمة ، وغالب الإباحات الظاهرية ؛ بل تمامها من قبيل الأول ، والإباحات الواقعية من قبيل الثاني ، ولذا تتغير بالعناوين كالنذر وأخويه.
إذا عرفت هذين القسمين من الإباحة تعرف لزوم الإشكالات المتقدمة من اجتماع المثلين والضدين في الحكم بالإباحة ظاهرا ، وإن كانت لمصلحة في نفس الإباحة ، غاية الأمر : أن محذور الإباحة الناشئة عن عدم المقتضي في المتعلق أكثر من الإباحة الناشئة عن المصلحة في نفس الإباحة ؛ إذ الإباحة الناشئة عن عدم المصلحة والمفسدة في المتعلق تستلزم اجتماع الضدين في الحكم ؛ لتضاد الوجوب أو الحرمة للإباحة ، وكذا في مبادئ الحكم من الإرادة والكراهة والمصلحة والمفسدة ، لكشف الإباحة عن عدم الإرادة والكرامة ، وعن عدم المصلحة والمفسدة وهذا بخلاف الإباحة الاقتضائية الناشئة عن مصلحة في نفس الإباحة ، فإن محذورها أقل من الإباحة اللااقتضائية ؛ إذ يلزم حينئذ اجتماع الضدين في الحكم والإرادة والكراهة ، دون المصلحة والمفسدة لكشف الإباحة الاقتضائية عن عدمهما ، فإشكال الإباحة الاقتضائية أقل من محذور الإباحة الناشئة عن