الإذن في الإقدام والاقتحام ينافي (١) المنع فعلا كما فيما صادف الحرام ؛ وإن كان الإذن فيه (٢) لأجل مصلحة فيه ؛ لا لأجل عدم مصلحة أو مفسدة ملزمة في المأذون فيه.
______________________________________________________
عدم المصلحة والمفسدة في المأذون فيه ؛ لكن أقلية المحذور لا توجب ارتفاع اجتماع الضدين.
والحاصل : أن الالتزام بكون الإباحة المجعولة في أصالة الإباحة من الإباحة الناشئة عن مصلحة في نفس الإباحة ؛ لا عن عدم المصلحة والمفسدة في المأذون فيه لا يدفع الإشكال ، وإن كان أقل محذورا من الإباحة الناشئة عن عدم المصلحة والمفسدة في المتعلق.
(١) يعني : فإن الإذن في الإقدام بجعل الإباحة الظاهرية ينافي الحرمة الواقعية الفعلية ، وهذه المنافاة لا تختص بالإباحة الظاهرية ؛ بل هي ثابتة مطلقا ، سواء كان الإذن لمصلحة في نفس الإباحة ، أم كان لعدم مصلحة أو مفسدة في المتعلق.
نعم ؛ محذور المنافاة في الإباحة الاقتضائية أكثر من الإباحة اللااقتضائية ؛ وذلك لأن التضاد بين الحكم الواقعي ـ وهو الحرمة ـ وبين الإباحة الظاهرية لا تختص بالخطاب ؛ بل يسري إلى الملاك أيضا ؛ لوقوع التضاد بين مفسدة الحرمة الواقعية ومصلحة الإباحة الظاهرية.
هذا يتناقض ما تقدم من كون محذور الإباحة الاقتضائية أقل من اللااقتضائية راجع «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٢٣٠ ـ ٢٣١».
(٢) أي : كان الإذن في الفعل لأجل مصلحة في الإذن. هذا إشارة إلى القسم الأول من الإباحة ، كما أن قوله : «لا لأجل عدم مصلحة ...» الخ. إشارة إلى القسم الثاني من الإباحة.
بقي الكلام في وجه تخصيص الإشكال ببعض الأصول العملية ، ولعل وجه ذلك : أن مثل الاستصحاب وقاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ وأشباه ذلك من الأصول العلمية ـ التي لها نظر إلى الواقع ـ يمكن الالتزام فيها بجعل أحكام ظاهرية طريقية كما في الأمارات عينا ، فيكون حالها كحال الأمارات من حيث جريان الجواب الثاني فيها حرفا بحرف ، وهذا بخلاف مثل قاعدة الحل وأصل البراءة ونحوهما مما لا نظر له إلى الواقع أصلا ، فيختص الإشكال به دون ما له نظر إلى الواقع.