.................................................................................................
______________________________________________________
وخلاصة الإيراد : أن دلالة الاقتضاء إنما تتم وتثبت الفعلية إذا لم يكن للأحكام الإنشائية أثر أصلا ، وأما إذا كان لها أثر ـ ولو بالعنوان الثانوي كالنذر ونحوه ـ فلا يبقى مجال لدلالة الاقتضاء ؛ لعدم لزوم اللغوية حينئذ ، فالنتيجة هي : عدم صحة ما ذكره الشيخ الأنصاري «قدسسره» في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، بحمل الحكم الواقعي على الإنشائي في مورد الطرق والأمارات.
١٢ ـ وهناك جمع آخر بين الحكم الواقعي والظاهري ، وهو الفرق بين الحكمين من حيث الموضوع ؛ لأن موضوع الحكم الواقعي هو نفس الشيء بعنوانه الأولي ، وموضوع الحكم الظاهري هو الشيء بوصف أنه مشكوك الحكم ، فيكون الحكم الظاهري متأخرا عن الحكم الواقعي بمرتبتين : الأولى : تأخره عن موضوعه ، والأخرى : تأخر موضوعه ، وهو الشك عن الحكم الواقعي الذي تعلق به الشك ، ولا محذور في اجتماع حكمين فعليين متنافيين مع تعدد رتبتهما.
وحاصل إشكال المصنف على هذا الجمع : هو وجود الحكم الواقعي في مرتبة الحكم الظاهري ؛ إذ لا يرتفع الحكم الواقعي بمجرد الشك فيه ، فإذا تحقق الحكم الظاهري بقيام الأمارة أو الأصل على خلاف الحكم الواقعي لزم اجتماع الضدين من إيجاب وتحريم مثلا.
فالمتحصل من جميع ما أفاده المصنف في المقام : أنه لا يلزم من حجية الأمارات غير العلمية محذور أصلا.
١٣ ـ مقتضى الأصل فيما شك في اعتباره من الأمارات هو : عدم حجيتها بمعنى : أنه بمجرد أن شك في حجية أمارة ثبوتا يقطع بعدم حجيتها إثباتا أي : لا يترتب عليها أثار الحجية في مقام الإثبات ؛ لأن آثار الحجية لا تترتب إلا على ما اتصف بالحجية الفعلية ـ أي : المحرزة بالعلم ـ في مقام الإثبات. هذا هو الصحيح عند المصنف ؛ لا ما ذكره الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، حيث جعل الأصل حرمة التعبد بالظن ، واستدل عليها بالأدلة الأربعة.
١٤ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
١ ـ العلم الإجمالي مقتض بالنسبة إلى كل من وجوب الموافقة القطعية ، وحرمة المخالفة كذلك.
٢ ـ كفاية الامتثال الإجمالي المعبر عنه بالاحتياط مطلقا.