.................................................................................................
______________________________________________________
١٠ ـ وما يقال : بأنه لا مجال للإشكال الأول على الشيخ الأنصاري «قدسسره» ؛ بتقريب : أن هذا الإشكال ـ بناء على إنشائية الأحكام الواقعية ـ مبنيّ على بقائها على الإنشائية حتى بعد قيام الأمارات عليها.
وأما بناء على أن قيام الأمارات سبب لوصولها إلى مرتبة الفعلية ، فلا وجه للإشكال المزبور ؛ إذ يحب حينئذ امتثال مؤديات الأمارات ؛ لأنها صارت فعلية بعد قيام الأمارة عليها مدفوع بما حاصله : من أن موضوع الفعلية ـ على ما ذكره المستشكل من أنه الحكم الإنشائي المتصف بكونه مؤدى الأمارة ـ مؤلف من الإنشائية والوصف المزبور ، ومن المعلوم : توقف أثر المركب على وجود جميع أجزائه ، فما لم يحرز الموضوع بتمام أجزائه بالوجدان أو التعبد أو بالاختلاف لم يترتب عليه الأثر.
وفي المقام يكون الأمر كذلك ؛ فإنه لا يترتب أثر الفعلية على الحكم الإنشائي الذي أدت إليه الأمارة ، وذلك لانتفاء إحراز الموضوع وجدانا وتعبدا.
أما وجدانا : فلأن إصابة الأمارة غير معلومة. وأما تعبدا : فلأن دليل حجية الأمارة لا يقتضي إلا التعبد بوجود مؤداه ، ولا يتكفل الجزء الثاني من الموضوع وهو كون هذا الحكم الإنشائي المحكي مؤدى الأمارة وذلك لأن اتصاف المحكي بهذا الوصف متأخر عن قيام الأمارة عليه ، فلو فرض تقدمه على قيام الأمارة عليه لزم الدور وهو محال.
«فافهم» لعله إشارة إلى أنه لو فرض إمكان دلالة دليل غير الأمارة على كون مؤداها هو الواقع المتصف بكونه مؤدى الأمارة لم يكف ذلك أيضا في الحكم بالفعلية ؛ لأن الحكم بها منوط بدلالة دليل على هذا الوصف ، ولم يثبت ، فما قيل : من صيرورة الأحكام الإنشائية فعلية بمجرد قيام الأمارة عليها خال عن الدليل.
١١ ـ إثبات كون الأحكام التي أدت إليها الأمارات فعلية بدلالة الاقتضاء بمعنى : أن مقتضى أدلة اعتبار الأمارات وإن كان تنزيل مؤداها منزلة الواقع وهو الحكم الإنشائي المحض ؛ لا منزلة الواقع الذي أدت إليه الأمارة ، ولكن بدلالة الاقتضاء وصون كلام الحكيم عن اللغوية لا بد من حمل دليل الحجية على تنزيل المؤدى منزلة الواقع الذي أدت إليه الأمارة ، أي : منزلة الأحكام الفعلية ، كي لا يكون التنزيل بلا ثمرة وفائدة.
فالمتحصل : أنه لو نزل المولى جزءا من المركب منزلة الواقع يعلم منه أنه نزل الجزء الآخر أيضا ، وإلا كان تنزيله الأول لغوا. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تصحيح ما أنكره المصنف «قدسسره» ، ولكن أورد عليه المصنف بقوله : «لكنه لا يكاد يتم».