.................................................................................................
______________________________________________________
وقاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز التي لها نظر إلى الواقع يمكن الالتزام فيها بجعل أحكام ظاهرية طريقية ؛ كما في الأمارات عينا ، فيكون حالها حال الأمارات من حيث جريان الجواب الثاني فيها.
هذا بخلاف مثل قاعدة الحل وأصل البراءة ونحوهما مما لا نظر إلى الواقع أصلا ، فيختص الإشكال به دون ما له نظر إلى الواقع.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإشكال بقوله : «فلا محيص في مثله إلا عن الالتزام بعدم انقداح الإرادة أو الكراهة». وهذا الجواب يمكن تقريبه على نحو يجري في جميع الأمارات والأصول طرّا ، وبه يحصل الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي في كل من الأصول والأمارات ، وبه تندفع المحاذير المتقدمة كلها.
وحاصل الجمع بينهما : أن الأحكام الواقعية المشتركة بين الكل هي فعلية غير منجزة عند قيام الأمارة أو الأصل على خلافها ، والأحكام الظاهرية فعلية منجزة ، فحينئذ : لا تنافي بينهما لعدم الإرادة أو الكراهة على طبق الحكم الفعلي الغير المنجز ، فإن الأحكام الخمسة لا ينافي بعضها مع بعض إلا من جهة الإرادة والكراهة ، والحكم الواقعي إذا كان فعليا غير منجّز فلا إرادة ولا كراهة على طبقه ، كي ينافي الحكم الظاهري.
٩ ـ إشكال المصنف على الشيخ الأنصاري : حيث التزم بعدم الحكم الواقعي فعليا في مورد الأصول والأمارات ، والتزم بأنه إنشائي فقال المصنف : ظهر بما ذكرناه ـ في دفع الإشكالات الواردة على التعبد بالأمارات غير العلمية والأصول العملية ـ أنه لا يلزم من التعبد بالأمارات غير العلمية الالتزام بعدم كون الحكم الواقعي في مورد الأصول والأمارات فعليا ؛ بل إنه شأني كي يلزم تارة : عدم لزوم الإتيان بما قامت الأمارة على وجوبه حينئذ ؛ إذ لا يحبب امتثال الحكم الإنشائي عقلا إذا علم به ، فضلا عما إذا قامت الأمارة غير العلمية عليه ، مع أنه خلاف الضرورة ؛ للزوم امتثال مؤديات الأمارات بالضرورة.
وأخرى : باحتمال اجتماع المتنافيين وهو في الاستحالة كالقطع باجتماع المتنافيين ، بتقريب : إن المحتمل هو فعلية الحكم الواقعي الذي يكون في مورد الأصل والأمارة والمفروض : فعلية الحكم الظاهري أيضا ، فيلزم اجتماع الحكمين الفعليين المتنافيين وهو محال. ولازم هذا الإشكال : عدم جواز الرجوع إلى الأمارة والأصول إلا مع القطع بعدم فعلية الحكم الثابت في موردهما ، وهو بعيد جدا.