فهم القرآن ومعرفته بأهله ومن خوطب به ، كما يشهد به ما ورد في ردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى به ؛ أو بدعوى أنه لأجل احتوائه على مضامين شامخة ومطالب غامضة عالية لا يكاد تصل إليها أيدي أفكار أولي الأنظار غير الراسخين العالمين
______________________________________________________
في التفصيل بين ظواهر الكتاب وغيره
وقد ذكر الشيخ الأنصاري «قدسسره» للأخباريين وجهين (١) : حيث قال : «وأقوى ما يتمسك لهم على ذلك وجهان أحدهما : الأخبار المتواترة المدعى ظهورها في المنع ذلك» ، ثم ذكر طوائف كثيرة من الأخبار مفادها المنع عن العمل بظواهر القرآن ، من دون ما يرد التفسير وكشف المراد عن الأئمة المعصومين «صلوات الله عليهم أجمعين». إلى أن قال : «الثاني من وجهي المنع : إنّا نعلم بطروّ التقييد والتخصيص والتجوز في أكثر ظواهر الكتاب ، وذلك مما يسقطها عن الظهور». راجع «دروس في الرسائل ، ج ١ ، ص ٢٥٠ ـ ٢٦٧». وذكر المصنف «قدسسره» لهم وجوها خمسة وهي بين ما يرجع إلى منع الصغرى ـ وهي الظهور ـ وبين ما يرجع إلى منع الكبرى ـ أعني : منع حجية ظواهر القرآن ـ فنذكرها على ترتيب المتن.
وأما الوجه الأول : فقد أشار إليه بقوله : «إما بدعوى اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله ومن خوطب به». وحاصل هذا الوجه : هو منع الصغرى ، واختصاص فهم القرآن بمن خوطب به ، والشاهد عليه : «ما ورد في ردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى به» أي : بالكتاب.
قال أبو عبد الله «عليهالسلام» لأبي حنيفة : «أنت فقيه أهل العراق؟» قال : نعم ، قال : «فبم تفتيهم؟» قال : بكتاب الله وسنة نبيه ، قال : «يا أبا حنيفة : تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟» قال : نعم ، قال : «يا أبا حنيفة : لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وما ورثك الله من كتابه حرفا» (٢).
وأما ما ورد في ردع قتادة فهو وإن كان في حديث طويل ولكن نكتفي بذكر ما هو محل الشاهد في المقام. وقد ورد في رواية زيد الشحام قال : دخل قتادة على أبي جعفر «عليهالسلام» فقال له : «أنت فقيه أهل البصرة؟» فقال : هكذا يزعمون ، فقال : «بلغني
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٣٩.
(٢) علل الشرائع ١ : ٨٩ / ذيل ح ٥ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٩٢ / ذيل ح ١٣.