أو بدعوى شمول الأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأي ؛ لحمل الكلام الظاهر في معنى على إرادة هذا المعنى.
______________________________________________________
وحاصل هذا الوجه أيضا هو منه الكبرى ـ وهي حجية ظواهر القرآن ـ بدعوى : شمول الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي لحمل الكلام على ظاهره بمعنى : إنه لا يجوز حمل الكتاب على ما هو ظاهر فيه من المعنى ؛ لأنه مصداق للتفسير بالرأي المنهي عنه.
قوله : «لحمل» متعلق ب «شمول». وقوله : «على إرادة» متعلق ب «حمل» ، والمراد بالمعنى في قوله : «هذا المعنى» هو المعنى الظاهر ، فمعنى العبارة : أن حمل الكلام الظاهر في معنى على إرادة المعنى الذي يكون الكلام ظاهرا فيه مشمول للأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأي ، فيحرم حمل الكلام على ما هو ظاهر فيه ؛ لأنه من التفسير بالرأي.
وكيف كان ؛ فالروايات الناهية عن التفسير بالرأي وإن كانت كثيرة جدا ؛ إلا إنا نكتفي بذكر جملة منها رعاية للاختصار :
مثل النبوي : «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» (١).
وفي رواية أخرى : «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» (٢).
وفي نبوي ثالث : «من فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب» (٣).
وعن أبي عبد الله «عليهالسلام» : «من فسر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن أخطأ سقط أبعد من السماء» (٤).
وعن تفسير العياشي عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : «من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر ، ومن فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر» (٥).
هذه جملة من الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي. فمفاد الجميع هي الكبرى الكلية ، وهي حرمة التفسير بالرأي على نحو القضية الموجبة الكلية ، فإذا كان حمل القرآن على ظاهره من التفسير بالرأي لكان من صغريات تلك الكبرى ، وبالتالي فيتم استدلال الأخباريين بهذه الروايات على عدم حجية ظواهر الكتاب.
__________________
(١) عوالي اللآلي ٤ : ١٠٤ / ١٥٤ ، أصول السرخسي ١ : ١٣٧.
(٢) التوحيد : ٩٠ / من ح ٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٨٩ / ٣٣٥٦٦ ، مسند أحمد ١ : ٢٣٣ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٦٨ / ٤٠٢٢ ، المصنف لابن شيبة ٧ : ١٧٩ / ٣ ، الخ.
(٣) كمال الدين : ٢٥٦ / جزء من ح ١ ، الوسائل ٢٧ : ١٩ / ٣٣٥٦٨.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٧ / ٤ ، الوسائل ٢٧٢٧ : ٢٠٢ / ٣٣٥٩٧.
(٥) تفسير العياشي : ١ : ١٨ / ٦ ، الوسائل ٢٧ : ٦٠ / ٣٣١٩٥.