.................................................................................................
______________________________________________________
آياته تفسيرا وتأويلا مما أنزله الله تعالى ؛ لا بعنوان القرآن. وكيف كان ؛ فوقوع التحريف في القرآن بمعنى الإسقاط بعيد جدا ، وذلك لوجوه :
الأول قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١).
الثاني : حفظ عشرات من الصحابة له ، وتعليمهم إياه للصدر الأول من المسلمين ، حتى بلغ من الشيوع أن نقص كلمة منه يوجب إلفات كافة الأنظار إليه وردها عليه.
الثالث : أن دواعي التحريف مفقودة إلا في الأمور الحسّاسة ، نظير موضوع الخلافة ، ولم يدع أحد من الإمامية أن كذا آية نزلت في حق علي «عليهالسلام» بهذا اللسان وأخفاها القوم بالتباني منهم ومن جميع الناس الواقعين تحت سيطرتهم ؛ إلا أن يكون المدعي شاذا مبتدعا أو غاليا ممقوتا. ولا قيمة بنقل هؤلاء ؛ إذ لو صح هذا المعنى لتشدد الأئمة «عليهمالسلام» بالنسبة إليه ؛ حتى يبلغ من الوضوح والاشتهار مبلغ الضروريات المذهبية ، نظير المسح على القدمين مثلا ، فحينئذ : لا يعتد ببعض ما هو غير معلوم النسبة إلى الأئمة «عليهمالسلام» من الأخبار.
بقي الكلام في المناسبة بين الشرط والجزاء في الآية المتقدمة ، وقد ذكر وجه المناسبة الشيخ الطبرسي في مجمع البيان (٢) ، والمحقق البلاغي في تفسير آلاء الرحمن فراجع.
وأما حاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» في الجواب ، فيرجع إلى وجهين :
الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : «لعدم العلم بوقوع الخلل فيها ...» الخ ، أي : لعدم العلم بوقوع الخلل في الظواهر «بذلك» أي : بسبب التحريف.
وتوضيح ذلك : أن التحريف لا يوجب العلم بخلل في الظواهر ؛ إذ من المحتمل : وقوع التحريف في المتشابه ، فتبقى ظواهر الكتاب سليمة عن الخلل ، فمجرد العلم الإجمالي بالتحريف لا يسقط الظهور عن الاعتبار.
الوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «ولو سلم ، فلا علم بوقوعه في آيات الأحكام».
وحاصل هذا الوجه : أنه ـ بعد تسليم العلم بوقوع الخلل في الظواهر المانع عن حجيتها ـ لا علم بوقوع الخلل في آيات الأحكام التي هي مورد البحث والابتلاء ؛ لاحتمال وقوع الخلل في ظواهر غير آيات الأحكام مما يرتبط بالولاية وغيرها ، ومن المعلوم : إنه لا أثر للعلم الإجمالي الذي يكون بعض أطرافه خارجا عن مورد الابتلاء ،
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) مجمع البيان ٣ : ١٤ ـ ١٥.