إليه مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة. والإجماع المحصل غير حاصل (١) ، والمنقول منه غير مقبول ، خصوصا في مثل المسألة مما احتمل قريبا أن يكون وجه ذهاب الجل لو لا الكل ، هو اعتقاد أنه مما اتفق عليه العقلاء من الرجوع إلى أهل الخبرة (٢) من كل صنعة فيما اختص بها.
______________________________________________________
الثالث : أن السيرة لما كانت دليلا لبيا ، فلا بد من الأخذ بالقدر المتيقن منها وهو صورة اجتماع شرائط الشهادة من التعدد والعدالة في اللغوي ، ومع الشك في اجتماع الشرائط ـ كما هو محل البحث ـ لا تكون السيرة حجة.
(١) هذا جواب عن الوجه الثالث من الوجوه التي استدل بها على ما هو المشهور من حجية قول اللغوي ، وهو دعوى الإجماع عليه.
وحاصل ما أفاده المصنف في الجواب : إن الإجماع إما محصل وإما منقول ، وأما المحصل منه وإن كان حجة إلا إنه غير حاصل ؛ إذ بعد احتمال استناد المجمعين إلى بناء العقلاء لا يتحقق الإجماع المحصل الكاشف عن قول المعصوم «عليهالسلام» :
وأما المنقول : فهو مردود بوجهين :
أحدهما : أن الإجماع المنقول ليس حجة ، كما أشار إليه بقوله : «والمنقول منه غير مقبول».
ثانيهما : أنه مع احتمال استناد المجمعين إلى بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة من كل صنعة : لا يبقى وثوق بكون الإجماع تعبديا ، فلو سلم حجية الإجماع المنقول في سائر الموارد لا يمكن الاعتماد عليه هنا ؛ لاحتمال مدركيته ، وقد أشار إليه بقوله : «خصوصا في مثل المسألة».
(٢) هذا إشارة إلى الوجه الرابع من الوجوه التي استدل بها على حجية قول اللغوي ، بتقريب : استقرار بناء العقلاء وسيرتهم قديما وحديثا وفي كل عصر وزمان ومكان على الرجوع إلى أهل الخبرة ، وهذا أهم الوجوه في المقام ، فقول اللغوي حجة ؛ لأنه من أهل الخبرة فيما يختص به ، فيكون الرجوع إلى اللغوي من باب الرجوع إلى أهل الخبرة.
وقد أورد المصنف على هذا الوجه بإيرادين :
وحاصل الإيراد الأول : أن المتيقن من هذه السيرة العقلائية : هو ما إذا حصل الوثوق والاطمئنان بقول أهل الخبرة ، ولا يحصل ذلك من قول اللغوي ، ومع عدم حصوله لا دليل على اعتبار قوله وإن كان من أهل الخبرة.
هذا ما أشار إليه بقوله : «والمتيقن من ذلك» أي : من الرجوع إلى أهل الخبرة.