ومستند القطع به لحاكية ـ على ما يظهر من كلماتهم ـ هو : علمه بدخوله «عليه
______________________________________________________
قوله «عليهالسلام» لما كان حجة ، ولو حصل في اثنين كان قولهما حجة» (١).
ولا إشكال في هذا النوع من الإجماع من ناحية الكبرى ، وإنما الكلام في الصغرى ؛ لأن الاجماعات المنقولة الموجودة في الكتب الفقهية ليست من هذا القبيل قطعا ، فإن الناقل لم يسمع الحكم من جماعة يعلم بأن الإمام «عليهالسلام» أحدهم قطعا.
نعم ؛ هذا المعنى كان ممكنا في عصر حضور الإمام «عليهالسلام» ؛ ولكن نقلة الإجماع وأصحاب الكتب الفقهية متأخرون عن ذلك العصر يقينا. وهذا القسم من الإجماع ما أشار إليه بقوله : «هو علمه بدخوله».
الثاني : قاعدة اللطف التي يستكشف بها قول المعصوم «عليهالسلام» ، وهذا القسم من الإجماع يسمى بالإجماع اللطفي ، وصاحب هذا المسلك هو الشيخ الطوسي «قدسسره» وأتباعه.
وتقريبه : أن وجود الحكم الواقعي في أقوال أهل عصر واحد لطف ، وهو واجب على الإمام «عليهالسلام» عقلا ؛ إذ يكون على الإمام البيان لو كان الحكم المجمع عليه على خلاف الواقع ؛ ولو بإلقاء الخلاف.
قال الشيخ الطوسي «قدسسره» : فيما حكى عنه : أن اجتماع الأصحاب على الباطل وعلى خلاف حكم الله الواقعي خلاف اللطف ، فيجب لطفا إلقاء الخلاف بينهم بإظهار الحق ولو لبعضهم ، فلو حصل إجماع واتفاق من الكل نستكشف بقاعدة اللطف أنه حق ، وهو حكم الله الواقعي ، واللطف عبارة عما يقرب العبد نحو الطاعة ، ويبعده عن المعصية ، وهذا القسم من الإجماع قد أشار إليه بقوله : «من باب اللطف».
الثالث : ما يسمى بالإجماع الحدسي ، وهو حصول العلم بقول الإمام «عليهالسلام» من الإجماع حدسا ، فإن الحدس هو العلم الحاصل من غير طريق الحواس الظاهرية ، فيقال في تقرير وجه الحدس : إن العلماء الذين يتقيدون بالشرع ولا يخالفونه قيد شعرة إذا اجتمعوا على أن الحكم الكذائي هو حكم الله تعالى ينتقل الذهن من هذا الإجماع إلى أن الإمام «عليهالسلام» موافق لهم ؛ وإلا لم ينسبوا هذا الحكم إلى الشرع ، كما أن التلاميذ الذين يتقيدون برأي أستاذهم إذا رأيناهم اجتمعوا على رأي ينتقل الذهن بنا من رأيهم إلى أنه رأي أستاذهم.
وحاصل الكلام : إن اتفاق علمائنا الأعلام على قول ، وتسالمهم عليه مع ما يرى من
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣١.