فلا بد (١) في الإجماعات المنقولة بألفاظها المختلفة (٢) : من استظهار مقدار دلالة ألفاظها ولو بملاحظة حال الناقل (٣) وخصوص موضع النقل ، فيؤخذ بذلك المقدار ، ويعامل معه كأنه المحصل.
فإن كان (٤) بمقدار تمام السبب ، وإلا فلا يجدي ، ما لم يضم إليه مما حصله أو نقل
______________________________________________________
(١) المقصود من هذا الكلام : أنه بعد أن ثبت عدم بناء العقلاء على إلحاق المشكوك بالمعلوم حسا ، فيما إذا كان فيه أمارة الحدس ؛ كما في الإجماعات المنقولة ، فمجرد نقل الإجماع لا يكون حجة ، لعدم كشفه عن رأيه «عليهالسلام» حسا ؛ بل لا بد حينئذ من ملاحظة مقدار دلالة ألفاظ الإجماع صراحة وظهورا ؛ ولو بقرينة حال الناقل لسعة باعه ووفور اطلاعه وتثبته في النقل ، وأنه يتتبع ولا يعتمد على ظاهر كلمات من ينقل الإجماع ، ولا على بعض المسالك التي سلكها الناقل في إحراز اتفاق الأصحاب المبتنية على الحدس.
وقيل : إن الجامع لهذه الصفات لا يبعد أن يكون جماعة من المتأخرين ؛ كالفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني ، وأضرابهم كالفاضل الهندي وغيره «رضوان الله عليهم أجمعين» ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٣٦٣».
(٢) كقول ناقل الإجماع : «اتفق أو أطبق أو أجمع علماؤنا أو أصحابنا أو فقهاؤنا» ، فإنه كالصريح في اتفاق الكل ؛ بخلاف قوله : «لا خلاف فيه» ، أو «لا نعرف فيه خلافا» ، أو «لم يظهر فيه خلاف» ، فإنه ظاهر في اتفاق الكل.
(٣) أي : حين نقله من جهة ضبطه وتورعه في النقل ، ومقدار بضاعته في العلم ، ووقوفه على الكتب ، وتتبعه للأقوال ، وغير ذلك من الأوصاف الدخيلة في الضبط والإتقان ، «وخصوص موضع النقل» ككونه من المسائل المحررة في كتب الأصحاب ، أو المهملة في جملة منها ، «فيؤخذ بذلك المقدار» أي : المقدار الذي يدل عليه لفظ الإجماع ، مع ملاحظة القرائن الأخر من رعاية حال الناقل وموضع النقل ، ويعامل مع ذلك المقدار مع ملاحظة تلك القرائن معاملة المحصل ، فكأن المنقول إليه بنفسه قد حصّل تلك الأقوال التي هي مورد الإجماع.
(٤) أي : فإن كان ذلك المقدار المنقول بمقدار تمام السبب للكشف عن رأي المعصوم «عليهالسلام» فهو المطلوب ؛ «وإلا» أي : وإن لم يكن ذلك المقدار المنقول بمقدار تمام السبب لم يجد ذلك المقدار في الاستناد إليه في مقام الفتوى.