وأما بحسب السبب : فلا تعارض في البين (١) ؛ لاحتمال صدق الكل ؛ لكن نقل
______________________________________________________
وقام ثالث على إباحته ، فهذه الإجماعات متعارضة بعضها مع بعض من جهة تضاد متعلقاتها ، وفي الحقيقة يكون التعارض في المسبب ـ أعني : رأي الإمام «عليهالسلام» دون السبب ـ وهو نفس أقوال المجمعين ـ وذلك لأن التعارض هو تنافي مدلولي الدليلين ثبوتا ؛ بحيث لا يمكن اجتماعهما في نفس الأمر كوجوب صلاة الجمعة وحرمتها مع وحدة الموضوع ؛ إذ مرجع التعارض إلى التناقض أو التضاد ، ومع عدم إمكان اجتماعهما يعلم إجمالا بكذب أحدهما ، ومن المعلوم : تحقق التعارض بالنسبة إلى المسبب ، إذ لا يمكن تعدد رأيه «عليهالسلام» في واقعة واحدة ، فالاجماعان المتعارضان يكونان متنافيين من حيث المسبب بلا إشكال.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الأمر ـ في مورد الإجماع ـ لا يخلو من أربعة أحوال ؛ لأن الإجماعين إما يحكيان عن الحكم الواقعي أو عن قول المعصوم ، وعلى كل تقدير : فالمراد بالإجماع : إما اتفاق الكل أو البعض ، فإن كان الإجماعان حاكيين عن الواقع : وقع التعارض في المسبب ؛ إذ لا يمكن حكمان واقعيان متضادان ، وإن كان المراد بالإجماعين اتفاق الكل : وقع التعارض في السبب ، إذ لا يمكن اتفاق الكل على أمر وعلى ضده.
وحيث إن المصنف بنى على أن الإجماع هو اتفاق البعض في الجملة ، وهو الحاكي عن الحكم الواقعي فقال : إنه لا يكون التعارض إلا بحسب المسبب.
(١) وحاصل الكلام في المقام : أن نقل الإجماع إن كان ظاهرا في حكاية آراء جماعة حصل منها للناقل القطع برأي المعصوم «عليهالسلام» لحسن ظنه بهم ؛ أمكن صدق كل من ناقلي الإجماع ، فلا يكون النقلان متعارضين ؛ لإمكان صدق كلا النقلين مع أن المناط في التعارض هو العلم الإجمالي بكذب أحدهما ، وحيث فقد هذا المناط ـ كما هو المفروض ـ فلا يتحقق التعارض بين النقلين.
وأما إن كان النقل ظاهرا في اتفاق جميع العلماء ـ كما إذا كان مبنى الناقل قاعدة اللطف ـ فلا محالة يقع التعارض بين النقلين أيضا ؛ لامتناع اتفاق الكل على حكمين متناقضين.
ومن هنا ظهر أنه لا وجه لحصر التعارض في المسبب ، كما لا وجه لنفي التعارض بحسب السبب على الإطلاق.