تعليق الحكم بإيجاب التبين عن النبأ الذي جيء به على كون الجائي به الفاسق ، يقتضي انتفاءه عند انتفائه.
ولا يخفى : أنه على هذا التقرير لا يرد (١) : أن الشرط في القضية لبيان تحقق
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا مفهوم للشرط على الاحتمال الثالث ؛ لأن القضية الشرطية ـ على هذا الاحتمال ـ مسوقة لبيان تحقق الموضوع ، فيكون انتفاء وجوب التبين لأجل انتفاء موضوعه وهو مجيء الفاسق بنبإ. هذا تمام الكلام في مقام الثبوت.
وأما في مقام الإثبات : فالظاهر من هذه الاحتمالات : هو الاحتمال الثالث ـ وهو الاحتمال الأخير ـ وذلك لأن وقوع مجيء الفاسق موقع الفرض والتقدير فهو المعلق عليه لوقوعه تلو أداة الشرط.
وعليه : فتكون القضية الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضوع ، نظير «إن ركب الأمير فخذ ركابه» ، و «إن أعطاك زيد درهما فتصدق به».
وأما على الاحتمال الأول ـ وهو مختار المصنف ـ فالقضية الشرطية ذات مفهوم ، ولا يرد عليه ما قيل من أن الشرط في القضية لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم له ، أو مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع.
(١) وجه عدم الورود : إن الموضوع ـ بناء على هذا التقرير ـ هو النبأ بما هو نبأ ، وهو باق بعد انتفاء الشرط وهو مجيء الفاسق ؛ لا إنه النبأ الذي جاء به الفاسق حتى يكون الشرط ـ أعني : مجيء الفاسق ـ جزء الموضوع ومحققا له لينتفي الموضوع بانتفائه ، ولا يثبت له مفهوم ، أو يكون مفهومه قضية سالبة بانتفاء الموضوع. كما أشار إليه بقوله : «فلا مفهوم له أو مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع» ، يعني : بعد أن كان الشرط مسوقا لبيان الموضوع ، فلا يبقى للآية دلالة على المفهوم ؛ لأن المفهوم عبارة عن نفي المحمول ـ هو الحكم ـ عن الموضوع المذكور في القضية إذا لم يتحقق الشرط مثلا ، كنفي وجوب الإكرام عن زيد عند عدم تحقق الشرط ـ وهو المجيء ـ في قولنا : «إن جاء زيد وجب إكرامه» ، الراجع على قولنا : «زيد واجب الإكرام إن جاء» ، فإن مفهومه «زيد غير واجب الإكرام إن لم يجئ».
وعلى هذا : فالآية المباركة لا تدل على المفهوم ؛ لأن الموضوع فيها خصوص نبأ الفاسق على الاحتمال الثالث ـ وهو منتف ـ لا طبيعة النبأ حتى يكون باقيا لتدل القضية الشرطية على المفهوم كما هو مختار المصنف.