دلالة على حجية الخبر بما هو خبر ، حيث إنه ليس شأن الراوي إلا الإخبار بما تحمله ؛ لا التخويف والإنذار ، إنما هو شأن المرشد أو المجتهد بالنسبة إلى المسترشد أو المقلد.
قلت (١) : لا يذهب عليك أنه ليس حال الرواة في الصدر الأول في نقل ما تحملوا من النبي «صلى الله عليه وعلى أهل بيته الكرام» أو الإمام «عليهالسلام» من الأحكام إلى الأنام ، إلا كحال نقلة الفتاوى إلى العوام.
ولا شبهة في أنه يصح منهم التخويف في مقام الإبلاغ والإنذار والتحذير بالبلاغ ، فكذا من الرواة (٢) ، فالآية لو فرض دلالتها على حجية نقل الراوي إذا كان مع التخويف كان نقله حجة بدونه (٣) أيضا ؛ لعدم الفصل بينهما (٤) جزما ، فافهم (٥).
______________________________________________________
(١) جواب عن الإشكال المتقدم وحاصله : أن الرواة في الصدر الأول كانوا ممن يفهمون معاني الكلمات الصادرة عن المعصومين «عليهمالسلام» ، نظير نقلة الفتاوى في هذا العصر ، فكما يصح التخويف من نقلة الفتاوي ، فكذلك يصح من نقلة الروايات ، فإذا كان نقل الرواية مع التخويف حجة كان نقلها بدونه حجة أيضا ؛ لعدم القول بالفصل بينهما ، فنقل الرواية يصير حجة مطلقا ، سواء كان مع التخويف أو بدونه وهو المطلوب.
قوله : «كحال» خبر «ليس» ، «ومن الأحكام» بيان للموصول في «ما تحملوا» ، يعني : أن نقلة الروايات لا يخرجون عن كونهم نقلة ؛ كعدم خروج نقلة الفتاوى عن عنوان النقلة بسبب الإنذار.
(٢) أي : من غير الصدر الأول ، وضمير «منهم» راجع إلى نقلة الفتاوى.
(٣) أي : بدون التخويف ، و «أيضا» يعني : ككونه حجة مع التخويف.
(٤) أي : بين نقل الراوي مع التخويف ، ونقله بدون التخويف.
(٥) لعله إشارة إلى إن مقوّم الحجية إذا كان هو الإنذار بمدلول الخبر ، مع النظر وإعمال الفكر ، فلا مجال لتسرية الحكم إلى الخبر من حيث كونه خبرا لاختلاف الموضوع ، نعم ؛ إن كان التخويف ظرفا للحجية لا مقوّما لها : فلا بأس بدعوى عدم الفصل بينهما ، أو إشارة إلى أن التخويف أعم من أن يكون بالدلالة المطابقية أو الالتزامية ، مثلا : إذا نقل الراوي أن الإمام «عليهالسلام» قال : «تجب صلاة الجمعة» أو «يحرم شرب المسكر» فإن هذا النقل واجد للإنذار بالدلالة الالتزامية ؛ لأن الإخبار عن الملزوم ـ وهو الوجوب أو الحرمة ـ إخبار التزاما عن اللازم ، وهو استحقاق العقوبة على المخالفة ؛ لكنه أخص من المدعى ، وهو حجية الخبر مطلقا ، سواء كان مفاده حكما إلزاميا