وفيه (١) : أن الظاهر منها إيجاب السؤال لتحصيل العلم ؛ لا للتعبد بالجواب.
وقد أورد عليها (٢) : بأنه لو سلّم دلالتها على التعبد بما أجاب أهل الذكر فلا دلالة
______________________________________________________
الثالث : أن يكون وجوب السؤال ملازما لوجوب القبول مطلقا تعبدا ؛ بأن لا يكون للسؤال فائدة إلا القبول تعبدا.
الرابع : أن يكون حجية الخبر سببا لوجوب السؤال ، بمعنى : أن الشارع أوجب السؤال من جهة كون الخبر حجة دون العكس ، أي : لم يكن وجوب السؤال والقبول سببا لحجية الخبر حتى يقال : إن مقتضى الآية ـ حينئذ ـ هو حجية الإخبار المسبوقة بالأسئلة لا مطلقا.
إذا عرفت هذه الأمور يتضح لك : حجية مطلق الخبر ، سواء كان مفيدا للعلم أم لا ، وسواء كان مسبوقا بالسؤال أم لا ، وهو المطلوب ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال.
(١) أي : الإشكال في الاستدلال بآية السؤال ، «أن الظاهر منها إيجاب السؤال لتحصيل العلم» ؛ لأن السؤال ظاهر في طلب العلم عما لا يعلم ، فالأمر به ظاهر في وجوب تحصيل العلم ؛ إذ الظاهر من وجوب السؤال في صورة الجهل ـ كما يقتضيه قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ـ هو كون السؤال لتحصيل العلم ويؤيده قول القائل : «سل إن كنت جاهلا».
وما قيل من : «إن لكل داء دواء ودواء الجهل السؤال» فإن الدواء رافع للمرض ، فالسؤال يوجب ارتفاع مرض الجهل ، وصيرورة الجاهل عالما ، فلا تدل الآية على وجوب الأخذ بقول أهل الذكر تعبدا ؛ بل في خصوص صورة إفادة العلم.
فالمتحصل : أن تعليق السؤال على عدم العلم يدل بالدلالة العرفية على كونه لأجل حصول العلم ؛ لا لأجل العمل بالجواب تعبدا ، وإن لم يفد العلم فلا ربط للآية بالمقام.
(٢) أي : على الاستدلال بالآية ، أعني : أورد الشيخ في «الرسائل» حيث قال : «إن المراد من أهل العلم ليس مطلق من علم ولو بسماع رواية من الإمام «عليهالسلام» ...» الخ.
وحاصل الإيراد : أن الآية ـ بعد تسليم دلالتها على وجوب القبول تعبدا ـ تدل على حجية قول أهل العلم ؛ لا حجية ما يروي الراوي الذي لا يكون ـ من حيث كونه راويا ـ من أهل العلم ؛ وذلك لأن المراد من أهل العلم الذين يجب السؤال منهم ليس مطلق من علم ، ولو من طريق الحواس الظاهرية ، حتى تشمل الرواة ؛ بل المراد بهم : من علم بالأدلة