.................................................................................................
______________________________________________________
٢ ـ الوجه الثاني : هو الإجماع العملي من العلماء ؛ بل من المسلمين كافة على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية.
وأورد عليه المصنف :
أولا : بنفس ما أورده على الإجماع القولي ؛ من الاختلاف في المسالك والمشارب.
وثانيا : بأنه لم يعلم أن اتفاقهم على ذلك بما أنهم متدينون ؛ بل يمكن أن يكون بما أنهم عقلاء ، فيرجع إلى الوجه الثالث من وجوه تقرير الإجماع ، وهو قيام سيرة العقلاء من ذوي الأديان وغيرهم ـ ممن لا يلتزم بدين ـ على العمل بخبر الثقة. وهذا هو عمدة الوجوه.
واستمرت هذه السيرة إلى زمان المعصوم «عليهالسلام» ، ولم يردع عنها المعصوم ؛ إذ لو كان لبان واشتهر ، وعدم الردع يكشف عن تقرير الشارع للسيرة ، وإمضائه لها ، فتثبت حجية الخبر في الشرعيات.
٣ ـ الإشكال عليه : بأنه يكفي في ثبوت الردع وجود الآيات الناهية عن العمل بغير العلم واتباع الظن ؛ كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ، و (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ، فإنها بعمومها تشمل هذه السيرة.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإشكال بوجوه ثلاثة :
الأول : أنها واردة لبيان عدم كفاية الظن في أصول الدين ، فلا ربط لها بحجية الظن في الفروع.
الثاني : أنها راجعة على الظن الذي لم يقم على اعتباره حجة ، والمفروض في خبر الواحد خلافه.
الثالث : أن رادعية الآيات الناهية عن السيرة تستلزم الدور ؛ لأن ردع الآيات عن السيرة متوقف على عدم كون السيرة مخصصة لها ، وعدم كون السيرة مخصصة لها متوقف على كون الآيات رادعة عنها ، فردع الآيات عن السيرة متوقف على ردعها عنها ، وهو دور.
٤ ـ إيراد المصنف على نفسه : بأن السيرة لا تصلح للتخصيص إلا على وجه دائر أيضا ؛ إذ تخصيص السيرة يتوقف على عدم الردع بها عنها ، وعدم الردع يتوقف على تخصيصها للآيات ، فعدم تخصيصها للآيات يتوقف على عدم تخصيصها لها ، وهو دور باطل.