علم إجمالا بانتقاض الحالة السابقة في بعضها ، أو قيام أمارة معتبرة على انتقاضها
______________________________________________________
الجمعة ، فيجب الإتيان بكلتا صلاتي الظهر والجمعة ـ مع قطع النظر عن الإجماع على عدم وجوب أكثر من صلاة واحدة يوم الجمعة بعد الزوال وقبل صلاة العصر ـ.
وهكذا الكلام بالنسبة إلى الاستصحاب إن قلنا بجريانه ، فإنه لما علمنا إجمالا بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة يومها ، فلو دلت رواية من الروايات النافية التي علمنا بصدور جملة منها على نفي وجوب الجمعة ، فقد علمنا بها بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف ؛ للعلم الإجمالي بوجوب إحدى صلاتي الظهر أو الجمعة ، فمقتضى جريان الاستصحاب مع العلم بالانتقاض : وجوب الإتيان بكلتيهما بمقتضى الاستصحاب ، مع قطع النظر عن الإجماع على عدم وجوب الصلاتين معا وعدم جواز العمل بهذا الخبر النافي.
قوله : «ولازم ذلك» يعني : ولازم انحلال العلم الإجمالي الكبير إلى ما في الأخبار «لزوم العمل على وفق جميع الأخبار المثبتة». وهذا جواب عن ثالث إيرادات الشيخ الأنصاري «قدسسره» على الدليل العقلي المذكور حيث قال : «وثالثا : أن مقتضى هذا الدليل : وجوب العمل بالخبر المقتضي للتكليف ؛ لأنه الذي يجب العمل به ، وأما الأخبار الصادرة النافية للتكليف : فلا يجب العمل بها ...» الخ.
وتوضيحه : أن مقتضى هذا الوجه العقلي : هو وجوب العمل بالخبر المثبت للتكليف فقط ؛ لأنه الذي يجب العمل به.
وأما الأخبار النافية للتكليف : فلا يجب العمل بها ؛ لأنا مكلفون بامتثال الأحكام الواقعية المعلومة إجمالا ، والمفروض : العلم بصدور مقدار من الأخبار واف بتلك الأحكام ، فيجب العمل امتثالا لتلك الأحكام ، وعليه : فلا موجب للعمل بالروايات النافية ، فهذا الدليل أخص من المدعى ؛ إذ المقصود : إثبات حجية الأخبار مطلقا سواء كانت مثبتة للتكليف أو نافية له.
وقد أجاب المصنف عنه بقوله : «ولازم ذلك» ، توضيحه : أن غرض المستدل إثبات وجوب العمل بالأخبار المثبتة ، وجواز العمل بالروايات النافية ؛ لا وجوب العمل بها ، فلا يرد عليه ما ذكره الشيخ ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٢٨».
والغرض من قوله «أصل مثبت له» هو : أن جواز العمل بالخبر النافي مشروط بعدم أصل مثبت للتكليف في مورده من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب المثبت كما عرفت ذلك.