كما أشير إليه (١) ـ فهل (٢) كان العقاب على المخالفة في سائر الأطراف حينئذ (٣) على تقدير المصادفة إلا عقابا بلا بيان ، والمؤاخذة (٤) عليها إلا مؤاخذة بلا برهان؟!
قلت (٥) : هذا إنما يلزم لو لم يعلم بإيجاب الاحتياط ، وقد علم به بنحو اللمّ حيث
______________________________________________________
(١) أي : بقوله : «فيما جاز أو وجب الاقتحام في بعض أطرافه».
(٢) الاستفهام إنكاري ، أي : لا يكون العقاب على المخالفة على تقدير المصادفة إلا عقابا بلا بيان.
(٣) أي : حين لزوم الاقتحام في بعض الأطراف أو جوازه.
(٤) عطف على «العقاب» أي : وهل كان المؤاخذة على المخالفة إلا مؤاخذة بلا برهان؟
وحاصل الكلام : أنه إذا سقط العلم الإجمالي عن التنجيز ، ولم يكن هناك دليل على التكليف غيره لم يكن بأس بارتكاب جميع الأطراف ، أما بعضها : فلعدم تنجزها للزوم الاختلال ، وأما الباقي : فلأن العلم بالنسبة إليه ينقلب شكا ، ولا يجب متابعة الشك.
فالمتحصل : أن مقصود المستشكل من هذا الإشكال : أنه إذا لم نقل بكون العلم الإجمالي منجزا ولو في خصوص ما جاز أو وجب الاقتحام في بعض الأطراف كما في المقام لدفع العسر أو اختلال النظام ، فما هو الموجب لمراعاة الاحتياط في بقية الأطراف ، وعدم جواز الإهمال بالمرة؟ وهل البراءة حينئذ في سائر الأطراف إلا بلا مزاحم؟ لكون الشك فيها بدويا لاحتمال كون التكاليف المعلومة بالإجمال بأجمعها في الطرف المرخص فيه ، نظير ما تقدم في العلم الإجمالي بوجود الحرام في أطراف نضطر إلى ارتكاب بعضها عينا ، وهل العقاب حينئذ على المخالفة في سائر الأطراف على تقدير المصادفة إلا عقابا بلا بيان؟ وذلك لانتفاء العلم الإجمالي وانحلاله من أصله.
(٥) وحاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» في الجواب : أن العقاب بلا بيان إنما يلزم لو لم يعلم وجوب الاحتياط ، فإذا علم وجوبه لم يلزم ذلك ؛ بل كان عقابا مع البيان ، وغرضه من هذا الكلام : منع جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان بإثبات البيان وهو إيجاب الاحتياط الرافع لموضوع هذه القاعدة في الأطراف التي لا اضطرار إليها ، والمثبت لكون العقاب فيها مع البيان.
وحاصل ما أفاده في منع جريانها ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٨٥» ـ وجهان يستكشف من كل منهما وجوب الاحتياط :
أحدهما : أن الشارع لما اهتم بحفظ أحكامه حتى في حال الشك وانسداد باب