علم اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه ؛ بحيث ينافيه (١) عدم إيجابه الاحتياط ، الموجب للزوم المراعاة ، ولو (٢) كان بالالتزام ببعض المحتملات ، مع صحة دعوى الإجماع على عدم جواز الإهمال في هذا الحال (٣) ، وأنه مرغوب عنه شرعا قطعا.
وأما مع استكشافه (٤) : فلا يكون المؤاخذة والعقاب ...
______________________________________________________
العلم والعلمي إليها ، لما تقدم من أن إهمال معظم الأحكام مستلزم للخروج عن الدين ، وهو مرغوب عنه عنده ، كان اهتمامه هذا بحفظ أحكامه علة لإيجاب الاحتياط ولو في بعض المحتملات ـ أي : غير الأطراف التي وجب الاقتحام فيها ـ فمن شدة هذا الاهتمام يحصل لنا العلم بإيجابه الاحتياط لحفظ الأحكام ، ومع العلم بإيجابه الاحتياط لا مجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان في غير ما وجب الاقتحام فيه ؛ لورود قاعدة الاحتياط الشرعي عليها وكونها بيانا على التكاليف الفعلية الواقعية.
وثانيهما : ما أشار إليه بقوله : «مع صحة دعوى الإجماع» ، وحاصله : أن الإجماع على عدم جواز الإهمال في حال الانسداد ـ كما تقدم تقريبه ـ يكشف عن وجوب الاحتياط شرعا ، ومع هذا الوجوب لا يكون العقاب بلا بيان.
فالمتحصل : أنه لا موجب لإهمال الأحكام ؛ بل يجب ترك الإهمال إجماعا ، ومعه لا يكاد يبقى مجال لهذا الإشكال أصلا.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
قوله : «بنحو اللم» إشارة إلى الاستدلال على المعلول بوجود العلة ؛ لما عرفت من : أن اهتمام الشارع علة لإيجاب الاحتياط ، وقوله : «حيث علم» تقريب للدليل اللمي.
(١) هذا الضمير راجع إلى اهتمام الشارع ، يعني : ينافي عدم إيجاب الشارع الاحتياط اهتمامه بحفظ أحكامه. وقوله : «الموجب» صفة للاحتياط.
(٢) يعني : ولو كان الاحتياط بالالتزام ببعض المحتملات لإتمامها الموجب لحصول العلم بالواقع.
(٣) أي : حال الانسداد.
(٤) الظاهر أنه سهو من الناسخ ، ويؤيده خلو بعض النسخ عنه ؛ وذلك للاستغناء عنه بقوله : «وقد علم به بنحو اللم» ، فالحق إسقاطه ، فيكون قوله : «فلا يكون» متصلا بقوله : «قطعا» ، ونتيجة لإيجاب الاحتياط الثابت بالدليل اللمي وبالإجماع المذكورين ، راجع «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٨٦».