.................................................................................................
______________________________________________________
كل منهما عليه ، ويقال : «هذا الحكم ضرر أو حرج» ، وعليه : فيكون نفي الضرر والحرج بسيطا ، ومعنى بساطة نفيهما : نفي أنفسهما ، فإن معنى بساطة النفي : نفي الشيء وسلبه ، في قبال ترك النفي فإن معناه : نفي شيء عن شيء وسلبه عنه ، كما هو الحال في الجعل البسيط والمركب.
وبالجملة : فنفي الضرر والحرج هنا بسيط ، لوروده على نفي الحكم الضرري والحرجي ، ومعنى قوله «عليهالسلام» : «لا ضرر أو لا حرج» : أن الحكم الذي هو ضرر أو حرج منفي ، يعني : أنه لا جعل له ، فالمنفي هو ما يتلو «لا» النافية حقيقة وبلا عناية.
واختار المصنف «قدسسره» ـ كما سيأتي في قاعدة لا ضرر ـ : أن المنفي هو متعلق الحكم وموضوعه ، وهو الفعل الضرري والحرجي ، فمعنى «لا ضرر» : أنه لا بيع ضرري مثلا ؛ لكن بما أنه لا معنى لورود النفي التشريعي حينئذ على ما هو موجود تكوينا وبالوجدان ؛ كالضرر والحرج فيما نحن فيه ، حيث إنهما موجودان في الخارج دائما ، فلا محالة يتوجه النفي إلى الموضوع ظاهرا ، وإلى الحكم واقعا ويقال : إن الفعل الضرري أو الحرجي لا حكم له ، فمعنى قول الشارع : «لا ضرر» إن البيع الضرري منفي حكمه ، كقوله : «لا شك لكثير الشك» ، فإن معناه : أن الشك الكثير منفي حكمه ، يعني : لا حكم له ، فيكون نفي الضرر حينئذ من باب نفي الحكم بلسان نفي الموضوع.
وقد ظهر بما ذكرنا : أن ارتفاع الحكم الأولي ـ تكليفيا أو وضعيا ـ بالضرر أو الحرج منوط بكون متعلقه ضرريا أو حرجيا ، فإذا لم يكن في المتعلق ضرر أو حرج لم يرتفع حكمه الأوّلي ؛ وإن كان الحكم الأوّلي علة للوقوع في الضرر والحرج.
هذا محصل الوجهين اللذين اختارهما الشيخ والمصنف «قدسسرهما» ، وعليهما يترتب جريان قاعدة العسر في المقام وعدم جريانها ، فبناء على المعنى الأول الذي اختاره الشيخ «قدسسره» : تجري القاعدة ؛ لأن الاحتياط بالجمع بين المحتملات نشأ عن لزوم مراعاة الأحكام الواقعية ، فالملقي في الحرج حقيقة هو تلك الأحكام ، فهي منفية بدليل نفي الحرج ، فالاحتياط الحرجي منفي بقاعدة الحرج الرافعة للأحكام الواقعية ، التي نشأ منها الاحتياط الحرجي.
وبناء على المعنى الثاني الذي اختاره المصنف «قدسسره» : لا تجري القاعدة ، ضرورة : أنه لا عسر في نفس متعلقات التكاليف الواقعية ؛ إذ لو كانت معلومة لما كان فيها حرج أصلا ، وإنما يكون الحرج في الجمع بين المحتملات من باب الاحتياط».