فيما (١) يوجب عسره اختلال النظام ، وأما فيما لا يوجب : فحمل نظر بل منع ؛ لعدم (٢) حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط ، وذلك لما حققناه في
______________________________________________________
استدل الشيخ على بطلان الاحتياط بوجهين ، حيث قال : «أما الاحتياط : فهو وإن كان مقتضى الأصل والقاعدة العقلية والنقلية عند ثبوت العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات ؛ إلا إنه في المقام غير واجب لوجهين :
أحدهما : الإجماع القطعي على عدم وجوبه في المقام .. الثاني : لزوم العسر الشديد والحرج الأكيد في التزامه لكثرة ما يحتمل موهوما بوجوبه ...» الخ.
ولم يتعرض المصنف «قدسسره» للإجماع هنا ، وقد ناقش فيه في حاشية «الرسائل».
(١) متعلق بقوله : «بلا كلام» ، وضمير «عسره» راجع على الاحتياط التام.
يعني : أن عدم وجوب الاحتياط التام مما لا إشكال فيه في كل مورد كان عسره موجبا لاختلال النظام ، وأما الموارد التي لا يوجب عسره فيها لاختلال النظام : فعدم وجوبه محل نظر بل منع.
(٢) تعليل لكون عدم وجوب الاحتياط ـ فيما إذا لم يوجب اختلال النظام ـ محل نظر ؛ بل منع ، وقد تقدم توضيحه.
وكيف كان ؛ فعلى ما اختاره المصنف من استظهار كون قاعدتي الحرج والضرر إنما هما بالنسبة إلى ما كان نفس الموضوع حرجيا أو ضرريا ، فعدم وجوب الاحتياط في الأطراف ـ مما لا يبلغ الإخلال ـ محل نظر بل منع ؛ «لعدم حكومة نفي الحرج والعسر على قاعدة الاحتياط» ؛ وإن كانت القاعدة حاكمة على الأدلة الأولية فالوضوء إذا صار عسرا كان مرفوعا بالقاعدة ، أما الوضوء إذا لم يكن ضرريا وإنما توجه الضرر من تكراره في صورة الجهل بالماء في البين ، فإن قاعدة الضرر لا ترفع وجوب مثل هذا الوضوء.
وكيف كان ؛ فحاصل الفرق بين مختار المصنف ومختار الشيخ «قدسسرهما» : إن المراد من الضرر والحرج هو الموضوع الضرري والحرجي على مختار المصنف ، فيقصد نفي الحكم عنهما بلسان نفي الموضوع أعني : الموضوع الضرري والحرجي.
وأما على مختار الشيخ : فالمراد هو : نفي الحكم الضرري والحرجي ، بمعنى : أن الحكم الناشئ من قبله الضرر والحرج منفي بقاعدة لا ضرر ولا حرج ، من باب نفي السبب بلسان نفي المسبب ، وعليه : لا يكون مفاد نفي الحرج رافعا لوجوب الاحتياط العقلي على مختار المصنف ؛ وذلك لأن موضوع الحكم الشرعي الواقعي لا يستلزم الحرج وإنما المستلزم للحرج هو الاحتياط بالجمع بين محتملات التكليف ، وهو ليس متعلقا للحكم