الحاكم على الإطلاق في باب الاستحقاق للعقوبة والمثوبة ، ومعه (١) لا حاجة إلى ما
______________________________________________________
يعني : إن تبدوا ما في أنفسكم أي : تظهروه بالعمل ، أو تخفوه يحاسبكم به الله ، بتقريب : أنه من المحتمل أن يكون المراد من الموصول العموم فيشمل القصد ، فيكون دليلا على المقام. ويحتمل أن يكون المراد منه خصوص الحسد أو الكفر مثلا فلا يرتبط بالمقام ، فلذا يكون مؤيدا لا دليلا.
ومنها : قوله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)(١).
فالحاصل : أن في الآيات والروايات شهادة على صحة ما حكم به الوجدان من استحقاق المتجري للعقاب كاستحقاق العاصي له.
(١) أي : مع حكم الوجدان باستحقاق المتجري للعقاب كالعاصي ، وشهادة الآيات والروايات على صحة حكمه بذلك : «لا حاجة إلى ما استدل» ، والمستدل هو : المحقق السبزواري في الذخيرة ـ على ما حكي ـ حيث استدل على استحقاق المتجري للعقاب كالعاصي ؛ بالدليل العقلي الذي نقله الشيخ الأعظم عنه بقوله : «وقد يقرر دلالة العقل على ذلك بأنا إذا فرضنا ...» الخ.
قال المحقق السبزواري على ما في «الرسائل» (٢) : «بأنا إذا فرضنا شخصين قاطعين ؛ بأن قطع أحدهما بكون مائع معيّن خمرا ، وقطع الآخر بكون مائع آخر خمرا ، فشرباهما فاتفق مصادفة أحدهما للواقع ، ومخالفة الآخر» ؛ بأن يكون أحد المائعين خمرا واقعا والآخر خلا كذلك. وحينئذ : فإما أن يستحقا العقاب ، أو لا يستحقاه كلاهما ، أو يستحقه من صادف قطعه الواقع وهو شارب الخمر دون الآخر الذي هو شارب الخل مثلا «أو العكس» ، أي : يستحقه من لم يصادف قطعه الواقع ولا يستحقه من يصادف قطعه الواقع ، والصور منحصرة عقلا في أربع ، لدوران الأمر بين النفي والإثبات ، «ولا سبيل إلى الثاني» عقلا وهو عدم استحقاقهما ؛ لأن معناه : أن العاصي لا يعاقب ، وعدم استحقاق من يشرب الخمر للعقاب مخالف لضرورة من الدين ؛ بل هو تشجيع للعاصي على عصيانه.
وكذا لا سبيل إلى «الرابع» وهو : عدم استحقاق العقاب لمن شرب الخمر ، واستحقاقه لمن شرب المائع باعتقاد أنه خمر ، لأنه مستلزم لعقاب غير العاصي وعدم عقاب العاصي. هذا مضافا إلى ما تقدم في الثاني من كونه مخالفا لضرورة من الدين ، وتشجيعا للعاصي
__________________
(١) البقرة : ٢٢٥.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٨.