وفيه : أولا (١) : بعد تسليم العلم بنصب طرق خاصة باقية فيما بأيدينا من الطرق الغير العلمية ، وعدم وجود المتيقن بينها (٢) أصلا أن قضية ذلك (٣) هو الاحتياط في أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال ؛ لا تعيينها بالظن.
لا يقال : الفرض (٤) هو عدم وجوب الاحتياط ؛ بل عدم جوازه ؛ لأن (٥) الفرض إنما
______________________________________________________
الظن النوعي المستفاد من القياس مثلا.
وهناك شرح آخر لقوله : «لأنه أقرب إلى العلم ...» الخ. أي : لأن الظن بالطريق «أقرب إلى العلم» بالطريق ، «وإلى إصابة الواقع» ، الذي انحصر في هذه الطرق المخصوصة ، بسبب العلم الإجمالي الثاني «مما عداه». أي : من الوهم والشك ، فإذا علمنا أن الواقع انحصر في الطريق المخصوص ، ولم نظفر بذلك الطريق ـ لا علما ولا علميا ـ كان الأمر في تحصيل ذلك الطريق المجعول منحصرا بين الأخذ بمظنون الطريق أو مشكوكه أو موهومه ، ولا ريب : أن العقل يحكم بأن الظن أقرب ؛ كما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ٤ ، ص ١٣٤».
هذا تمام الكلام في الوجه الأول الذي استدل به صاحب الحاشية والفصول على انحصار نتيجة دليل الانسداد في حجية الظن بالطريق.
(١) قد أجاب المصنف عن هذا الدليل بوجهين ، وقد تقدم توضيح الجواب ، فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار.
(٢) أي : بين الطرق المحتملة.
(٣) أي : أن مقتضى تعذر تحصيل العلم بكل من الواقع والطريق ليس هو التنزل إلى الظن بالطريق ، كما أفاده الفصول ؛ بل مقتضاه الاحتياط في كل ما يحتمل كونه طريقا إلى الواقع.
(٤) هذا إشارة إلى الإشكال في الوجه الرابع ـ وهو وجوب الاحتياط في الطرق المعلومة إجمالا ـ فيقال في تقريب الإشكال : أن الاحتياط في تلك الطرق يستلزم الاختلال المبطل للاحتياط ، أو العسر الرافع لوجوبه ، وعليه : فلا يجوز أو لا يجب الاحتياط في الطرق المعلومة إجمالا ؛ بل يتعين العمل بالظن بما هو طريق ، كما أفاده صاحب الفصول.
(٥) هذا جواب عن الإشكال المزبور ، فيقال في توضيحه : إن الاحتياط المخل بالنظام أو الموجب للعسر هو الاحتياط التام ، أعني : الاحتياط في جميع أطراف العلم الإجمالي الكبير ؛ لانتشار أطرافه في الوقائع المظنونة والمشكوكة والموهومة ، والاحتياط فيها مخل