التكليف بالواقع يستلزم حكمه بالتفريغ ، فيما إذا أتى به أولى (١) كما لا يخفى ، فيكون الظن به ظنا بالحكم بالتفريغ أيضا (٢).
إن قلت (٣) : كيف يستلزم (٤) الظن بالواقع مع أنه ربما يقطع بعدم حكمه به معه ، كما إذا كان من القياس؟ وهذا (٥) بخلاف الظن بالطريق ، فإنه يستلزمه ولو كان من القياس.
قلت : الظن بالواقع أيضا (٦) يستلزم الظن بحكمه بالتفريغ على الأقوى ، ولا
______________________________________________________
(١) خبر «أن دعوى» يعني : أن دعوى حصول الفراغ بالواقع أولى من حصوله من الظن بمؤدى الطريق ؛ إذ لما كان الحكم بالفراغ من لوازم جعل الطريق ، فكونه من لوازم الواقع أولى ، كما تقدم تقريبه. فقوله : «مع أن دعوى» ليس وجها مستقلا ؛ بل هو تتمة للوجه الثاني ، فكأنه قال : «والحال أن دعوى ... أولى».
(٢) يعني : إذ كان القطع بالواقع كالقطع بالطريق في الإفراغ ، «فيكون الظن به» أي : بالواقع كالظن بالطريق «ظنا بالحكم بالتفريغ أيضا» ، فلا فرق بينهما.
(٣) غرض المستشكل : منع لملازمة التي ادعاها المصنف بقوله : «أن التكليف بالواقع يستلزم حكمه بالتفريغ» ، وتقريب المنع : أن الظن بالواقع قد لا يستلزم الظن بحكم الشارع بالفراغ ؛ كما إذا حصل الظن به من القياس الذي يعلم بعدم كونه طريقا شرعا ، وهذا بخلاف الظن بالطريق المنصوب.
فإنه مستلزم للظن بحكم الشارع بالفراغ ؛ وإن كان الظن بطريقية شيء ناشئا من القياس.
(٤) أي : كيف يستلزم الظن بالواقع للظن بحكم الشارع بالفراغ؟ «مع أنه ربما يقطع بعدم حكمه» أي : بعدم حكم الشارع بالفراغ مع الظن بالواقع ، «كما إذا كان» الظن الحاصل «من القياس» ، فإنه لو قام القياس على شيء ظن الشخص بأنه الواقع ـ كما في قصة قطع أصابع المرأة ـ مع أنه يقطع بعدم حكمه بالفراغ.
(٥) أي : والظن بالواقع بخلاف الظن بالطريق ، «فإنه» أي : الظن بالطريق «يستلزمه» أي : يستلزم حكمه بالفراغ ولو حصل الظن بالطريق من القياس ؛ كالظن بطريقية الإجماع المنقول الحاصل من قياسه على خبر الواحد مثلا.
(٦) أي : كالظن بالطريق في استلزامه الظن بالفراغ.
وتوضيح ما أفاده في دفع الإشكال : أن الظن بالواقع يستلزم الظن بالفراغ مطلقا وإن نشأ الظن بالواقع من القياس ؛ وذلك لأن النهي عن القياس طريقي ناشئ عن